كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وأتته صلّى الله عليه وسلّم امرأة ببردة، فقالت: يا رسول الله؛ أكسوك هذه؟ فأخذها صلّى الله عليه وسلّم محتاجا إليها، فلبسها،
قال المناوي: وأخذ بعض المالكية بظاهر الخبر، فأوجب الثواب عند الإطلاق؛ إذا كان ممن يطلب مثله الثواب، أي: كالهديّة من الأدنى للأعلى.
قال: وإنّما قبل الهدية؛ دون الصدقة!! لأنّ المراد بها ثواب الدنيا، وبالإثابة تزول المنّة. والقصد بالصدقة ثواب الآخرة، فهي من الأوساخ.
وظاهر الإطلاق: أنّه كان يقبلها من المؤمن والكافر.
وفي السّير أنّه قبل هدية المقوقس وغيره من الملوك. انتهى.
(وأتته صلّى الله عليه وسلم امرأة) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها (ببردة) منسوجة؛ فيها حاشيتها- كما في البخاريّ مرفوعا بمنسوجة، لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله؛ كاسم الفاعل.
وقال الداودي: يعني أنّها لم تقطع من ثوب، فتكون بلا حاشية.
وقال غيره: حاشية الثوب هدبه. وكأنه أراد أنها جديدة لم يقطع هدبها ولم تلبس.
وقال القزّاز: حاشيتا الثوب ماحيتاه اللّتان في طرفيهما الهدب.
ولفظ البخاريّ في «الأدب» : جاءت امرأة ببردة؛ فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟! قالوا: الشّملة. قال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها.
(فقالت: يا رسول الله: أكسوك هذه) ؟! وفي رواية «الجنائز» : قال:
«نعم» . قالت: قد نسجتها بيدي؛ فجئت لأكسوكها.
قال الحافظ: وتفسير البردة بالشّملة تجوّز، لأن البردة كساء، والشّملة:
ما اشتمل به. فهي أعمّ، لكن لمّا كان أكثر اشتمالهم بها أطلقوا عليها اسمها.
(فأخذها) النبيّ (صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها) ، كأنّهم عرفوا ذلك بقرينة حال، أو تقدّم قول صريح؛ (فلبسها) لفظ «الأدب» : وفي رواية «الجنائز» : فخرج إلينا، وإنّها إزاره.

الصفحة 683