كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

.........
واستنبط منه السّادة الصوفيّة جواز استدعاء المريد خرقة التصوّف من المشايخ تبرّكا بهم، وبلباسهم، كما استدلوا لإلباس الشيخ للمريد بحديث أنّه صلّى الله عليه وسلم ألبس أمّ خالد خميصة سوداء ذات علم. رواه البخاري.
لكن قال شيخنا- يعني السخاويّ- رحمه الله تعالى: ما يذكرونه- أي الصوفية- من أنّ الحسن البصريّ لبسها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه!!
فقال ابن دحية وابن الصلاح: إنّه باطل.
وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر: ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح؛ ولا حسن؛ ولا ضعيف أنّه صلّى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدا من أصحابه بفعلها، وكلّ ما يروى صريحا في ذلك!! فباطل.
قال الحافظ ابن حجر: ثمّ إنّ من الكذب المفترى قول من قال «إنّ عليا ألبس الخرقة الحسن البصري» ، فإنّ أئمّة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعا؛ فضلا عن أن يلبسه الخرقة.
قال السّخاوي: ولم ينفرد شيخنا- يعني: الحافظ ابن حجر- بذلك، بل سبقه إليه جماعة حتّى ممن لبسها وألبسها؛ كالدمياطي، والذهبي، والعلائي، ومغلطاي، والعراقي، والأبناسي، والحلبي، والهكاري، وابن الملقّن، وابن ناصر الدين؛ وتكلّم عليها في جزء مفرد.
وللحافظ السيوطي مؤلّف سمّاه «إتحاف الفرقة برفو الخرقة» ذكر فيه أنّ جمعا من الحفاظ أثبتوا سماع الحسن من علي بن أبي طالب. والحافظ ضياء الدين في «المختارة» رجّحه، وتبعه الحافظ في «أطرافها» ، وهو الراجح عندي لقاعدة الأصول: أن المثبت مقدّم على النافي، لأن معه زيادة علم ولأن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وكانت أمّه خيرة مولاة أمّ سلمة، فكانت أمّ سلمة تخرجه إلى الصحابة فيباركون عليه، وأخرجته إلى عمر؛ فدعا له، فقال: «اللهمّ؛ فقّهه في

الصفحة 686