كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وكان لا يأتيه أحد إلّا وعده وأنجز له؛ إن كان عنده.
وأمّا شجاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
فقد كان صلّى الله عليه وسلّم أنجد النّاس ...
قال ابن عربي: فلا ملك أوسع من ملك سيّدنا محمّد، فإنّ له الإحاطة بالمحاسن والمعارف، والتودّد والرحمة والرفق، وكان بالمؤمنين رحيما.
وما أظهر في وقت غلظة على أحد إلّا عن أمر إلهيّ حين قال له جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [73/ التوبة] فأمر بما لم يقتض طبعه ذلك، وإن كان بشرا يغضب لنفسه ويرضى لها!!.
(وكان لا يأتيه أحد) يسأله شيئا (إلّا وعده وأنجز له؛ إن كان عنده) ، وإلّا أمر بالاستدانة عليه. انتهى مناوي؛ على «الشمائل» .
(وأمّا شجاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلم) :
الشجاعة- بفتح الشين- قال القاضي عياض: هي فضيلة قوّة الغضب، وانقياد تلك القوّة للعقل؛ على وفق الشرع. أي: لتقع على ما ينبغي من النعوت الآدمية، ولتكون من الصفات البهيّة.
والنّجدة- بفتح النون فسكون الجيم فدال مهملة- بمعنى الشجاعة؛ في قول، وقال بعضهم: هي شدّة البأس، يقال: هم أنجاد أمجاد؛ أي: أشدّاء شجعان، والواحد نجد؛ ككتف وأكتاف.
وقال القاضي عياض: النّجدة: ثقة النفس؛ أي: وثوقها بربّها عند استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها؛ دون خوف.
(فقد) كان صلّى الله عليه وسلم منها بالمحلّ الذي لا يجهل،! قد حضر المواقف الصعبة، وفرّ الكماة والأبطال عنه غير مرّة؛ وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح وما شجاع إلّا وقد أحصيت له فرّة وحفظت عنه جولة؛ سواه صلّى الله عليه وسلم.
وفي «الإحياء» : (كان صلّى الله عليه وسلم أنجد النّاس) أي: أكثرهم نجدة،

الصفحة 689