كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وأشجعهم.
قال عليّ رضي الله تعالى عنه: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ...
(وأشجعهم) ؛ أي: أقواهم قلبا في حال البأس، فكان الشجاع منهم الذي يلوذ بجانبه عند التحام الحرب، وما ولّى قطّ؛ ولا تحدّث أحد بفراره.
وقد ثبتت أشجعيّته بالتواتر النقلي؛ بل أخذه بعضهم من النص القرآني، لقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ [73/ التوبة] فكلّفه؛ وهو فرد؛ جهاد الكلّ، ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [286/ البقرة] !! ولا ضير في كون المراد:
هو ومن معه، إذ غايته أنّه قوبل بالجميع؛ وذلك مفيد للمقصود.
قال العراقي: روى الدارميّ؛ من حديث ابن عمر بسند صحيح: ما رأيت أجلد، ولا أجود، ولا أشجع، ولا أرضى من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى
وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: ما رأيت أشجع، ولا أنجد، ولا أجود، ولا أرضى من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. رواه الإمام أحمد، والنّسائيّ، والطبرانيّ، والبيهقيّ.
وعطف «أجود» على «أنجد» ؟! للمناسبة بينهما، إذ الجواد لا يخاف الفقر، والشجاع لا يخاف الموت، ولأن الأوّل بذل النفس، والثاني: بذل المال.
والجود بالنفس أقصى غاية الجود!
انتهى من «شرح الزرقاني» ، و «شرح الإحياء» و «شرح الشفاء» .
(قال) الإمام (عليّ) بن أبي طالب أمير المؤمنين (رضي الله تعالى عنه) وكرّم الله وجهه في الجنّة (: لقد رأيتني) - بضمّ التّاء- وهذا من خصائص أفعال القلوب وما ألحق بها؛ من «رأى» البصريّة والحلميّة: أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين لشيء واحد، و «رأى» هذه بصريّة؛ أي: والله لقد أبصرت نفسي (يوم بدر ونحن نلوذ) أي: نلتجىء ونستتر (بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلم) ، وكان الظاهر أن

الصفحة 690