كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

«أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب» ، فما رئي يومئذ أحد أشدّ منه.
«أنا النّبيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطّلب»
قال الحافظ العراقيّ: متّفق عليه؛ من حديث البراء. انتهى.
وسيأتي في الحديث بعده التفصيل. ومعنى قوله «أنا النّبيّ لا كذب» ؛ أي:
حقا فلا أفرق ولا أزول، أي: صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنّه قال أنا النبيّ؛ والنبيّ لا يكذب. لست بكاذب فيما أقول حتّى أنهزم بل أنا متيقن أن ما وعدني الله من النصر حق فلا يجوز علي الفرار أنا ابن عبد المطلب.
فيه دليل لجواز قول الإنسان في الحرب «أنا فلان بن فلان» . ومنه قول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا الّذي سمّتني أمّي حيدره.
وقول سلمة: أنا ابن الأكوع.
والمنهيّ عنه قول ذلك على وجه الافتخار؛ كما كانت الجاهلية تفعله.
وانتسب لجدّه عبد المطلب؛ دون أبيه عبد الله!! لأنه توفّي شابّا في حياة أبيه عبد المطلب؛ فلم يشتهر كاشتهار أبيه.
وكان عبد المطلب سيّد قريش وسيّد أهل مكّة، ومن ثمّ نسب إليه صلّى الله عليه وسلم في نحو قول ضمام: أيّكم ابن عبد المطلب. انتهى شرح «الإحياء» .
(فما رئي يومئذ أحد أشدّ منه) صلى الله عليه وسلم، لأنّه لمّا استقبلهم من هوازن ما لم يروا مثله قطّ؛ من السواد والكثرة، وذلك في غبش الصبح وخرجت الكتائب من مضيق الوادي؛ فحملوا حملة واحدة؛ فانكشفت خيل بني سليم مولّية؛ وتبعهم أهل مكّة والنّاس، ولم يثبت معه صلّى الله عليه وسلم إلّا عمّه العبّاس، وأبو سفيان بن الحارث، وأبو بكر، وأسامة في أناس من أهل بيته وأصحابه.
قال العبّاس: وأنا آخذ بلجام بغلته أكفّها؛ مخافة أن تصل إلى العدو، لأنّه كان يتقدّم نحوهم، وأبو سفيان آخذ بركابه. انتهى شرح «الإحياء» ، وسيأتي

الصفحة 695