كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

كان هوازن رماة، وإنّا لمّا حملنا عليهم انكشفوا؛ فأكببنا على الغنائم، فاستقبلتنا بالسّهام.
تعالى: ولم يجيء أنّه صلّى الله عليه وسلم انهزم قطّ ولم ينقله أحد، وقد نقل الإجماع على أنّه لا يجوز أن يعتقد أنّه صلّى الله عليه وسلم انهزم. ولا يجوز ذلك عليه.
قال الزّرقاني على «المواهب» : وقد تقدّم للمصنّف في حنين، وقبله في أحد: أنّ من زعم أنّه صلّى الله عليه وسلم هزم يستتاب، فإن تاب؛ وإلّا! قتل عند الشافعية، ووافقهم ابن المرابط من المالكية. وأنّ مذهب مالك يقتل بلا استتابة، وفرّقوا بينه وبين من قال «جرح. أو: أوذي» : بأن الإخبار عن الأذى نقص في المؤذي؛ لا عليه، والإخبار بالانهزام نقص له صلّى الله عليه وسلم، لأنّه فعله؛ لو وقع، كما أن الأذى فعل المؤذي.
قال ابن دحية: وأما تغيّبه في الغار!! فكان قبل الإذن في القتال.
وأما مظاهرته بين درعين يوم أحد!! فهو من الاستعداد للإقدام، وليقتدي به أصحابه. والمنهزم خارج عن الإقدام جملة، بخلاف المستعدّ له. انتهى.
ثمّ بيّن سبب التولّي؛ فقال (كان هوازن رماة، وإنّا لمّا حملنا عليهم انكشفوا) : انهزموا؛ كما هو لفظ رواية البخاري في «الجهاد» : (فأكببنا) - بفتح الموحّدة الأولى وإسكان الثانية ونون- أي: وقعنا (على الغنائم) ، وفي «الجهاد» ؛ فأقبل الناس على الغنائم (فاستقبلتنا) أي: هوازن.
وفي «الجهاد» : فاستقبلونا (بالسّهام) ؛ أي: فولّينا.
وفي مسلم: فرموهم برشق من نبل كأنّها رجل جراد.
وفيه أيضا؛ عن أنس: جاء المشركون بأحسن صفوف رأيت؛ [فصفّت] الخيل، ثم المقاتلة، ثمّ النّساء من وراء ذلك، ثم الغنم، ثم النّعم ونحن بشر كثير، وعلى خيلنا خالد بن الوليد؛ فجعلت خيلنا تلوذ خلف ظهورنا، فلم نلبث أن انكشفت خيلنا وفرّت الأعراب ومن تعلم من الناس.

الصفحة 698