كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وعن العبّاس ...
برزوا للقتال في كتائب لم ير المسلمون مثلها عدّة وعدّة، وحملوا حملة واحدة، وكانوا أرمى الناس بالسّهام، وأعرفهم بالقتال؛ فانهزم الناس، والنبيّ صلّى الله عليه وسلم ثابت يلتفت يمنة ويسرة لمن فرّ منهم وهو يقول: «يا أنصار الله؛ وأنصار رسوله صلّى الله عليه وسلم أنا عبد الله ورسوله» ثمّ تقدّم بحربته أمام الناس، فلم يمض قليل حتّى هزمهم الله تعالى. انتهى «خفاجي» .
قال في «شرح الإحياء» : ومما يدلّ على شجاعته صلّى الله عليه وسلم، وكونه أشدّهم بأسا ركوبه يومئذ على بغلته البيضاء؛ وهي دلدل. كما في رواية مسلم مع عدم صلاحيّتها للحرب كرّا وفرّا، ومن ثمّ لم يسهم لها. ومع العادة إنّما هي من مراكب الطمأنينة، ومع أنّ الملائكة الذين قاتلوا معه في ذلك اليوم لم يكونوا إلّا على الخيل لا غير!! ومع أنّه كانت له أفراس متعدّدة في مواطن الحرب.
وهذا هو النهاية القصوى في الشجاعة والثبات، وفيه إعلام بأن سبب نصرته مدده السّماوي والتأييد الإلهي الخارق للعادة، وبأنّه ظاهر المكانة والمكان؛ ليرجع إليه المسلمون وتطمئنّ قلوبهم بمشاهدة جميل ذاته، وجليل آياته؛
كركضه بها في نحر العدو مع فرار الناس عنه، ولم يبق معه إلا أكابر أصحابه.
وكنزوله عنها إلى الأرض مبالغة في الثبات والشجاعة ومساواة في مثل هذا المقام للماشين من أصحابه. والله أعلم. انتهى.
(و) ذكر مسلم في «صحيحه» رواية (عن) أبي الفضل (العبّاس) بن عبد المطّلب الهاشمي «عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم» ، وكان أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسنتين؛ أو ثلاث.
وكان العبّاس رئيسا جليلا في قريش قبل الإسلام، وكان إليه عمارة المسجد الحرام والسقاية.
وحضر ليلة العقبة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين بايعته الأنصار قبل أن يسلم الأنصار،

الصفحة 701