كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

وتناول الحربة من الحارث بن الصّمّة؛ فانتفض بها انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشّعراء ...
(وتناول) صلى الله عليه وسلم (الحربة) - بفتح الحاء وإسكان الراء المهملتين؛ بوزن الضّربة- وهي واحدة الحراب بوزن رجال، وهي: قناة صغيرة؛ أي: أخذها (من الحارث بن الصّمّة) - بكسر الصاد المهملة، وفتح الميم المشدّدة وهاء التأنيث-، وهو- أعني: الحارث- ابن الصّمّة بن عمرو بن عتيك الأنصاري الخزرجي الصحابي.
شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بدرا وغيرها من المشاهد، وقتل ببئر معونة.
وذكر ابن الأثير: أنّ الذي ناول رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحربة كعب بن مالك.
وبين الروايتين مخالفة! وجمع بينهما بأنّه تناولها من أحدهما؛ فسقطت منه، فناولها له الآخر. أو أنّ أحدهما وهو الذي معه الحربة كان بعيدا منه؛ فناولها آخر قريبا منه، فسلّمها له بيده. ولا بدّ من التوفيق، فإنّ الروايتين صحيحتان، والقصّة واحدة. انتهى من شرح الخفاجي على «الشفا» .
(فانتفض بها) أي: الحربة (انتفاضة) أي: قام بها قومة مسرعة.
والأبلغ الأحسن أن يقال: إنه استعارة تمثيلية؛ يلزمها تشبيههم بأنهم كالذباب المؤذي الواقع المتهافت، فيفيد هجومهم عليه وتشبيه نهوضه لهم بفحل اهتزّ ليزيل ذبابا وقع عليه،
لقوله (تطايروا) ؛ أي: تفرّقوا فارّين بسرعة؛ كالطيور (عنه) صلى الله عليه وسلم.
والمتفرّقون!! إمّا المسلمون، واقتصر عليه بعضهم!! وإمّا المشركون الذين هجموا مع أبيّ!! وهو أبلغ وأنسب بقوله:
(تطاير الشّعراء) - بفتح الشين المعجمة، وسكون العين المهملة، وراء بعدها همزة ممدودة- أي: كتطاير ذباب أحمر- أو أزرق- يقع على الحيوان فيؤذيه أذى شديدا. وفي رواية: تطاير العشارير.

الصفحة 705