كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 2)

فاستقبلهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد سبق النّاس إلى الصّوت، وهو يقول: «لن تراعوا.. لن تراعوا» ، وهو على فرس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، والسّيف في عنقه، فقال: «لقد وجدته بحرا» .
وهذا الفرس اسمه: (المندوب) .
(فاستقبلهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) راجعا (قد سبق النّاس إلى الصّوت) أي: المكان الذي سمع الصوت من جهته؛ أي: منفردا قد استبرأ الخبر؛ (وهو يقول) للمقبلين: ( «لن تراعوا) - بضم التاء المثناة فوق، وبضمّ العين المهملة- (لن تراعوا» ) تكرير الجملتين، و «لن» هنا بمعنى «لم» بدليل الرواية الآخرى، والمراد نفي سبب الرّوع؛ أي: الخوف، أي: ليس هناك شيء تخافونه
(وهو) أي صلّى الله عليه وسلم راكب (على فرس لأبي طلحة) المسمّى: زيد بن سهل «زوج أمّ سليم» والدة أنس بن مالك، استعاره منه (عري) - بضمّ العين المهملة، وسكون الراء- مجرور صفة فرس. (ما) أي: ليس (عليه سرج) للاستعجال في ركوبه، ولا يقال في الآدمي عري، وإنّما يقال عريان؛ كما تقدّم التنبيه عليه غير مرة.
(والسّيف في عنقه) أي: حمائله معلّقة في عنقه الشريف؛ متقلّدا به.
وهذا هو السنّة في حمل السيف؛ كما قاله ابن الجوزي، لا شدّه في وسطه؛ كما هو المعروف الآن!!.
(فقال: «لقد وجدته) - أي: الفرس- (بحرا» ) . أي: واسع الجري، ومنه سمّي البحر «بحرا» لسعته، وتبحّر فلان في العلم: إذا اتّسع فيه.
وقيل: شبّهه بالبحر..! لأن جريه لا ينفد؛ كما لا ينفد ماء البحر.
(وهذا الفرس اسمه «المندوب» ) قيل: سمّي بذلك!! من النّدب، وهو الرّهن عند السباق. وقيل: لندب كان في جسمه، وهو أثر الجرح.

الصفحة 710