كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَأَمَّا إنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِطَامِ وَلَهُ أُجْرَةُ رَضَاعِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ الْعَدَوِيُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي تَاجِرٍ بِمِصْرَ أَرْسَلَ لَهُ شَرِيكُهُ رَقِيقًا مِنْ أَسْيُوطَ لِلتِّجَارَةِ فِي مَرْكَبٍ وَفِيهِ رَقِيقٌ أَرْسَلَهُ بَعْضُ تُجَّارِ أَسْيُوطَ لِشَرِيكِهِ بِمِصْرَ أَيْضًا، فَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْ التَّاجِرَيْنِ الْمُرْسَلَ لَهُمَا مَا أَرْسَلَهُ لَهُ شَرِيكُهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ فَمَرِضَتْ أَمَةٌ مِمَّا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَنَجَزَ عِتْقَهَا مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ عَازِمًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِشَرِيكِهِ مَا يَخُصُّهُ فِيهَا مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا غَلِطَا فِي تَمْيِيزِ الْإِمَاءِ وَأَنَّ الْمُعْتَقَةَ لَيْسَتْ مِنْ إمَاءِ الْمُعْتِقِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ إمَاءِ الْآخَرِ فَمَا حُكْمُ هَذَا الْعِتْقِ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الْوُقُوعِ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حُكْمُ هَذَا الْعِتْقِ ابْتِدَاءً مِنْ فُرُوعِ الشَّرِكَةِ وَبَعْدَ الْوُقُوعِ مِنْ فُرُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَمَّا حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَعَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَبَعْدَ الْوُقُوعِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ فِي الْكُلِّ وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ مَنْعِ عِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَالٍ مِنْهُ وَنَصُّهُ كَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالِ الْخَرَشِيُّ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ التِّجَارَةِ عَلَى مَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلُ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ جَازَ كَبَيْعِهِ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ، وَيَلْزَمَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةُ حِصَّتِهِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ انْتَهَى بِتَصَرُّفٍ.
وَهَذَا لَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ وَأَمَّا حُكْمُهُ بَعْدَ تَبَيُّنِ الْغَلَطِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَاءِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَهُوَ أَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِمَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمَةَ لَهُ نَقْضُ عِتْقِهَا، فَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ قُلْت فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ بَنَى دَارِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ هَدْمُهُ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ فَلِرَبِّهِ نَقْضُ الْعِتْقِ وَنَحْوُهُ لِلتَّتَّائِيِّ عَنْهَا وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي جَامُوسَةٍ وَدَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ ثَمَنِهَا وَوَضَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ بَاعَاهَا وَأَرَادَ وَاضِعُ الْيَدِ الِاسْتِبْدَادَ بِزَائِدِ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْكُلْفَةِ وَيُسَمُّونَهُ فِي الْعُرْفِ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ وَهُوَ جَارٍ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَهَلْ تُحْسَبُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأُجِيبُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الْعُرْفِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرِيعَةِ وَيُقَسَّمُ الرِّبْحُ الزَّائِدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى حَسَبِ رَأْسِ الْمَالَيْنِ وَتُحْسَبُ الْكُلْفَةُ وَالْغَلَّةُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى التَّكْلِفَةِ اتَّبَعَ وَاضِعَ الْيَدِ بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ زَادَتْ الْكُلْفَةُ اتَّبَعَ وَاضِعُ الْيَدِ الْآخَرَ بِنِصْفِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ وَالْعَمَلُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ خَالَفَهُ وَاحِدٌ مِمَّا ذَكَرَ فُسِخَتْ وَتَرَاجَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ بِنِسْبَةِ الْمَالِ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ مَعَ شَرْحِهَا لِلتَّتَّائِيِّ وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ الْحَاصِلُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ يُفَضُّ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِقَدْرِ أَصْلِ الْمَالَيْنِ وُجُوبًا تَسَاوَيَا، أَوْ تَفَاوَتَا وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ عَقْدِهَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مِثْلُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ خَمْسِينَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى النِّصْفِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ نِصْفَيْنِ وَاشْتَرَطَا التَّفَاوُتَ فِي الرِّبْحِ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَإِنْ عَمِلَا فُضَّ الرِّبْحُ عَلَى الْمَالَيْنِ وَيَرْجِعُ إنْ قُبِضَ

الصفحة 143