كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ أَشْبَهَ صَاحِبُ الْحِمْلِ وَحْدَهُ فَالْقَوْلُ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَقُضِيَ بِالْوَسَطِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْقَوْلُ لِلْغَارِمِ فِي التَّلَفِ وَالنَّعْتِ فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ غَرِمَ مَا أَخْفَى وَالْقَدْرُ وَالْجِنْسُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَنْفَرِدَ رَبُّهُ بِالشَّبَهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَوْ يَنْتَفِي شَبَهُهُمَا فِي النَّعْتِ وَالْقَدْرِ فَيَحْلِفَانِ وَيُقْضَى بِالْوَسَطِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي أَرْضِ زِرَاعَةٍ خَرَاجِيَّةٍ شَائِعَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا قِسْمَةٌ فَتَصَرَّفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا بِغَرْسِ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَطَلَبَ شَرِيكُهُ مِنْهُ الْمُقَاسَمَةَ فِيهَا فَامْتَنَعَ مِنْهَا وَقَالَ لَهُ خُذْ مِنْ الْبَيَاضِ الْبَاقِي بِقَدْرِ مَا تَصَرَّفْت فِيهِ مِنْ الْأَرْضِ بِالْقِيَاسِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُجَابُ لِذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ جَبْرًا عَلَى الْغَارِسِ ثُمَّ إنْ خَرَجَتْ الْأَرْضُ الْمَغْرُوسَةُ لِلْغَارِسِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرِ الْغَارِسِ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَنَقْلِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ دَفْعِهِ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا مُسْقِطًا مِنْهَا أُجْرَةَ مَنْ يَتَوَلَّى الْقَلْعَ وَالتَّسْوِيَةَ إنْ كَانَ الْغَارِسُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَخَدَمِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ الْقُرْعَةِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فَيُجْبَرُ مَنْ أَبَاهَا مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ وَمَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ.
وَفِي نَوَازِلِ الْأُجْهُورِيِّ وَسُئِلَ عَنْ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ إذَا بَنَى، أَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مَعَ اطِّلَاعِهِمْ وَسُكُوتِهِمْ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ وَحْدَهُ، أَوْ شَرِكَةً بَيْنَهُمْ بِالْقِيمَةِ، أَوْ يَكُونُ كَالْغَاصِبِ فَأَجَابَ نَعَمْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَغْرِسْ وَلَمْ يَبْنِ شَرِكَةٌ لِلِبَانِي، أَوْ الْغَارِسِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ حَظِّهِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مَنْقُوضًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ قَائِمًا وَإِنَّمَا يُشَارِكُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ مِنْهَا الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ فِي الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ بِالثُّلُثِ لَا بِأَكْثَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِذَا بَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ غَرَسَ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ شَرِيكَهُ وَإِذْنَهُ وَمَضَى لَهُ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ إلَى مِثْلِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا قِيمَةُ حَظِّهِ مِنْ ذَلِكَ مَنْقُوضًا وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَذِنَ إلَى مِثْلِهَا كَانَ عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةُ حَظِّهِ مِنْ ذَلِكَ قَائِمًا وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دُونَ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَا عِلْمِهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ تُوجِبُ لِشَرِيكِهِ أَخْذَ ذَلِكَ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ حَظِّهِ مِنْ النَّفَقَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لَيْسَتْ شُبْهَةً فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا قِيمَةُ ذَلِكَ مَنْقُوضًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ شَرِيكِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِذْنِ أَمْ لَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَالْإِذْنِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْذُونِ لَهُ إلَّا فِي وُجُوبِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْإِذْنِ يَكُونُ لَهُ حُكْمُهُ وَالْكِرَاءُ عَلَيْهِ هُنَا وَاجِبٌ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ اقْتَسَمَا فَخَرَجَ ذَلِكَ فِي حَظِّ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَإِذَا تَدَاعَيَا الْقِسْمَةَ حَتَّى يَقَعَ الْفَصْلُ فِي الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْبِنَاءِ، أَوْ الْغِرَاسَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَقْتَسِمَانِ، أَوْ يَتْرُكَانِ ذَكَرَ ذَلِكَ

الصفحة 183