كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَا دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا عَنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الثَّمَنِ يُشْبِهُ ثَمَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْهُ إلَّا إلَى الْأَمَدِ الَّذِي لَا يَبْتَاعُ النَّاسُ إلَى مِثْلِهِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ شُيُوخِنَا فِي ذَلِكَ.

وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ سُئِلَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ بِأَيِّ شَيْءٍ تَسْكُنُ دَارِي فَقَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْ وَكِيلِك وَاسْتَظْهَرَ بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ سُكْنَاهُ لَهَا وَاعْتِمَارُهُ فَأَجَابَ إقْرَارَهُ بِالِابْتِيَاعِ مِنْ وَكِيلِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ لَهُ بِالْمِلْكِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِمَا اسْتَظْهَرَ بِهِ عَقْدَ الْحِيَازَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ بِالِابْتِيَاعِ لَهُ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ مِنْهُ وَإِنَّمَا تَنْفَعُ الْحِيَازَةُ فِيمَا جُهِلَ أَصْلُهُ وَدُخُولُ السَّاكِنِ فِيهَا مِنْ أَيْنَ هُوَ وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا إذَا قَامَ الرَّجُلُ بِعَقْدِ ابْتِيَاعٍ مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَبِلَهُ وَتَارِيخُ الِابْتِيَاعِ قَبْلَ الْقِيَامِ بِعِشْرِينَ فِي أَمْلَاكٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَتَصَيَّرَتْ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ فَقَالَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِي عِشْرُونَ عَامًا أَتَمَلَّكُ هَذِهِ الْأَمْلَاكَ وَأَنْتَ حَاضِرٌ، وَلَمْ تَقُمْ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ وَثِيقَةَ ابْتِيَاعٍ إلَّا الْآنَ فَالْوَاجِبُ أَنَّ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِيَازَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْقَائِمِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْقَائِمُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا تَرَكْت الْقِيَامَ فِي الْأَمْلَاكِ تَسْلِيمًا مِنِّي لَهَا وَلَا رِضًا بِتَرْكِ حَقِّي فِيهَا إلَّا لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِالْعَقْدِ، وَلَمْ أَجِدْهُ وَيَأْخُذُهَا مِنْ يَدِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَبُو الْقَائِمِ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْقَائِمُ مَا عَلِمْت بِشِرَاءِ أَبِي لَهَا إلَّا وَقْتَ قِيَامِي بِعَقْدِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا وَلَوْ قَالَ الْقَائِمُ إنِّي اشْتَرَيْتهَا ثُمَّ اعْتَمَرْتُك إيَّاهَا أَوْ اكْتَرَيْتهَا مِنْك أَوْ أَرْفَقْتُك بِهَا وَلِذَلِكَ لَمْ أَقُمْ بِهَا لَكَانَ أَبْيَنَ فِي أَنْ يَحْلِفَ إذَا اُسْتُظْهِرَ بِوَثِيقَةِ الشِّرَاءِ وَيَأْخُذَهَا وَلَوْ قَالَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَقَلْتَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ بِعْتهَا مِنْك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَتَبْقَى بِيَدِهِ الْأَمْلَاكُ فَإِنْ أَثْبَتَ الْقَائِمُ أَنَّ دُخُولَ الْمُعْتَمِرِ فِي الْأَمْلَاكِ وَابْتِدَاءِ نُزُولِهِ فِيهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْكِرَاءِ أَوْ الْإِسْكَانِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُعْتَمِرِ بِهِ حُجَّةٌ وَيَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِمُونَ وَرَثَةٌ فَلَا يَسْقُطُ قِيَامُهُمْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِاعْتِمَارُ بِحَضْرَةِ مُوَرِّثِهِمْ أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهُمْ عَلِمُوا بِذَلِكَ وَسَكَتُوا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَحَالُ الْوَرَثَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَهْلِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا وَكَذَلِكَ إنْ أَثْبَتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ فِيهَا وَيُطَالِبُ لَيْسَ أَنْ يُخَاصِمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَ نَفْعَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تَنْفَعْهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ إذَا لَمْ يَزَلْ مُتَرَدِّدًا عَلَيْهِ بِالْقِيَامِ فِي الْأَشْهُرِ وَالْأَعْوَامِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِحُجَّتِهِ وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ.
قَالَ سَحْنُونٌ لَا حِيَازَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ عَلَى حَقِّهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى يَقُومَ طَالَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ قَرُبَتْ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ عَلِمَ.
وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ رَوَى عِيسَى أَنَّهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَلَى نَحْوِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَحِيزَ عَلَيْهِ أَرْضُهُ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ ثُمَّ قَدِمَ كَانَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عُذْرُهُ وَرُبَّ أَعْذَارٍ لَا تُعْرَفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ بِطُولِ الْعِمَارَةِ لِمَغِيبِهِ قَالَ عِيسَى وَسَوَاءٌ بَلَغَهُ ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ لَهُ الْقِيَامُ وَلَا قَطَعَ ذَلِكَ حَقَّهُ قَالَ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ فَلَمْ يَقْدَمْ، وَلَمْ يُوَكِّلْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ حَتَّى حِيزَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الزَّمَنُ الطَّوِيلُ فَلَا حَقَّ فِيهَا قَالَ وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَهُوَ أَحْسَنُ قَالَ الْمُشَاوِرُ وَبِهِ الْعَمَلُ قَالَ عِيسَى فَإِنْ قَدِمَ رَبُّ الْمَوْضِعِ فَعَلِمَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ وَتَرَكَهُ ثُمَّ قَامَ وَبَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْدَمْ فَهُوَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الدَّاخِلُ فِي الْأَرْضِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْتِيَاعِ أَوْ الصَّدَقَةِ قَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ إنَّمَا يَقُومُ الْقَائِمُ إذَا اتَّصَلَتْ غَيْبَتُهُ، وَلَمْ يَأْتِ مِنْهَا إلَى وَقْتِ قِيَامِهِ وَأَمَّا مَنْ سَافَرَ وَبَقِيَ فِي سَفَرِهِ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا ثُمَّ قَامَ فَلَا قِيَامَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُغَيَّبُونَ فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ يَغِيبُونَ فِي ذَلِكَ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ فَلَا قِيَامَ لَهُمْ.

الصفحة 194