كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

الَّتِي ذُكِرَتْ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَالْغَرْسِ وَبَنُو الْأُخْتَيْنِ وَأَزْوَاجِهِمَا حُضُورٌ لَا يُعِيرُونَ وَلَا يُنْكِرُونَ وَلَا يَعْتَرِضُونَ وَادَّعَى أَنَّهُ صَارَ لَهُ بِمُقَاسَمَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ انْفَرَدَ بِهِ دُونَهُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمِلْكُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ أَبَاهُ ابْتَاعَ الْمِلْكَ مِنْ الْقَائِمِ أَوْ مِمَّنْ يَدَّعِي الْقَائِمُ أَنَّهَا صَارَتْ إلَيْهِ بِشُبْهَةِ نَفْعِهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ لِلِابْتِيَاعِ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ كَالسِّتِّينَ سَنَةً وَجَوَّزَ ابْنُ الْعَطَّارِ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْعِشْرِينَ سَنَةً، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُسَمُّوا مِمَّنْ كَانَ الِابْتِيَاعُ أَوْ كَانَ فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَقُومُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ إلَّا الَّذِي الْمِلْكُ بِيَدِهِ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ شَيْئًا تَحْتَ يَدِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْيَدُ كَلَا يَدٍ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا أَوْ ذَا سُلْطَانٍ غَيْرَ مُقْسِطٍ وَثَبَتَ أَنَّهُ مَالُ الْقَائِمِ أُورِثَهُ عَلَى السَّمَاعِ أَوْ ثَبَتَ أَيْضًا أَنَّهُ تَصِيرُ إلَى الَّذِي تَمْلِكُهُ مِنْ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْأَمْلَاكِ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ وَيُحْكَمُ بِذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِّ قَالَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ ابْنِ هُرْمُزَ مَعَ ابْنِ الرَّمَّاكِ أَثْبَتَ ابْنُ هُرْمُزَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِ ابْنِ الرَّمَّاكِ مَالُهُ عَلَى السَّمَاعِ وَأَنَّهُ كَانَ بِيَدِ ابْنِ عَبَّادٍ وَتَصِيرُ إلَى ابْنِ الرَّمَّاكِ مِنْ قَبْلِهِ فَأَخَذَهُ ابْنُ هُرْمُزَ وَاسْتَحَقَّهُ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا فَيَكْتُبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا عَقْدًا يُعَرِّفُ شُهُودَهُ فُلَانًا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا جَارِيَةً صِفَتُهَا كَذَا أَوْ فَرَسًا أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا وَلَا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ حَتَّى الْآنَ وَقَيَّدُوا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى عَيْنِ الثَّوْبِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْجَارِيَةِ فِي كَذَا فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَنَصُّهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا بِعْتُ الْفَرَسَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمَشْهُودَ لِي بِهِ فِيهِ وَلَا فَوَّتُّهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِي بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ حَتَّى الْآنَ وَمَنْ حَضَرَ الْيَمِينَ الْمَنْصُوصَةَ عَنْ الْإِذْنِ وَاسْتَوْعَبَهَا مِنْ الْحَالِفِ وَعَرَّفَهُ قَيَّدَ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُ فِي كَذَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى عَيْنِ الْفَرَسِ أَوْ الْجَارِيَةِ وَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهَا فِي يَمِينِهِ وَفِي التَّارِيخِ بَيَانُ الْيَمِينِ فِي هَذَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمَعْمُولِ بِهِ بِخِلَافِ الْأُصُولِ فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ فِيهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ وَحَكَى ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخَصْمُ مَا يُوجِبُهَا وَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى النَّصِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ وَأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ بَاعَهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ فَإِذَا حَلَفُوا يَمِينَ الْقَضَاءِ فَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ بِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ أَيْضًا.
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ غَائِبَةً فَالشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى النَّعْتِ وَالِاسْمِ جَائِزَةٌ فَإِنْ وُجِدَتْ جَوَارٍ كَثِيرَةٍ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ كَلَّفَ الْحَاكِمُ الْمُسْتَحِقَّ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَهُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا لَمْ يُكَلَّفْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

[الشَّهَادَة عَلَى الصِّفَة]
وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ سُئِلَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الصِّفَةِ فَقَالَ وَقَفْت عَلَى الْكِتَابَيْنِ فِي الْمَمْلُوكَةِ السَّوْدَاءِ الْمَوْصُوفَةِ بِهِمَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ فِيهِمَا عَامِلَةٌ وَالْحُكْمُ لَهُ فِيهَا وَاجِبٌ بَعْدَ أَنْ يُنْظَرَ وَيُسْأَلَ هَلْ فِي الْبَلَدِ مَمْلُوكَةٌ تُوصَفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَضَيْنَا لَهُ بِهَا وَأَسْلَمْنَاهَا إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ.
وَسُئِلَ فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَادَّعَاهُ وَأَتَى بِكِتَابٍ كَذَلِكَ وَقَدْ وَصَفَ فِيهِ الْكِتَابَ فَقَالَ الْحُكْمُ لِمُسْتَحِقِّ الشَّيْءِ لَيْسَ إلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى عَيْنِهِ

الصفحة 197