كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا اخْتَلَفَ الشَّرِيكَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَاسَمَ شَرِيكَهُ قِسْمَةَ مُتْعَةٍ وَالْآخَرُ قِسْمَةَ بَتٍّ فَيُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا بِعْتُ مِنْك بَيْعَ بَتٍّ وَالْآخَرُ بَيْعُ خِيَارٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْبَتِّ بِيَمِينِهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَتَّابٍ فِي طُرَرِهِ سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهَا قِسْمَةَ بَتْلَةٍ وَالْآخَرُ قِسْمَةَ مُتْعَةٍ وَاعْتِمَارٍ فَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْبَتْلِ وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ الْمُشَاوِرُ إذَا قَسَّمَ الشُّرَكَاءُ أَمْلَاكَهُمْ وَبَقِيَتْ زَمَانًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهَا قُسِّمَتْ قِسْمَةَ إرْفَاقٍ لَا قِسْمَةَ إمْضَاءٍ وَأَرَادَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ لِإِقْرَارِهِمْ بِالْقَسْمِ وَادِّعَائِهِمْ مَا يَنْقُضُهُ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي قِسْمَةِ الْبَتْلِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا غَبْنٌ وَكَانَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ نَصِيبِهِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ كَالْمُتَبَايِعِينَ يُقِرَّانِ بِالْبَيْعِ وَيَدَّعِي أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ وَادِّعَائِهِ مَا يُوجِبُ نَقْضَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِذَلِكَ وَعَلَى الْآخَرِ الْيَمِينُ وَيُتِمُّ الْبَيْعَ قَالَ وَإِذَا لَمْ يُقِرُّوا بِالْقَسْمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا اقْتَطَعَ كُلٌّ مِنَّا أَرْضًا يَعْمُرُهَا مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ الْقَسْمَ فَعَلَى مُدَّعِي الْقَسْمِ الْبَيِّنَةَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْآخَرِ الْيَمِينُ وَيَقْتَسِمُونَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَرْضِ زِرَاعَةٍ لِرَجُلٍ خُمُسُهَا وَلِآخَرَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا فَأَرَادَ الثَّانِي قِسْمَتَهَا وَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ لِخَوْفِ مَنْعِ الْمَاءِ عَمَّا يَخْرُجُ لَهُ وَتَعَطُّلُهُ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: نَعَمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ جَبْرِهِ وَهُوَ انْتِفَاعُهُ بِمَا يَخْرُجُ كَانْتِفَاعِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأُجْبِرَ لَهَا كُلٌّ إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ الْخَرَشِيِّ بِمَا يَنُوبُهُ بِالْقِسْمَةِ انْتِفَاعًا تَامًّا كَالِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَصَارَ الْبَابُ فِي نِصْفِ الْمُشْتَرِي وَاسْتَمَرَّ الْبَائِعُ يَمُرُّ مِنْهُ إلَى مَوْتِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي مَنْعَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُرُورِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُهُمْ فَتْحُ بَابٍ مِنْ نِصْفِهِمْ لِإِحَاطَةِ عَقَارَاتِ غَيْرِهِمْ بِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَمْكِينِهِمْ مِنْ الْمُرُورِ مِنْ الْبَابِ الَّذِي صَارَ فِي قَسْمِهِ أَوْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيُقْسَمُ الْبَابُ مَعَ بَاقِي الدَّارِ قِسْمَةً ثَانِيَةً أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إنْ كَانُوا سَكَتُوا فِي الْقِسْمَةِ عَنْ الْبَابِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَمْكِينِ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُرُورِ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَحَّتْ إنْ سَكَتَ عَنْهُ وَلِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ اهـ.
وَإِنْ كَانُوا قَسَمُوا عَلَى أَنَّ الْبَابَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ وَقَعَ الْبَابُ فِي قَسْمِهِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ فَيَجِبُ فَسْخُهَا وَإِعَادَتُهَا بِحَيْثُ يَصِيرُ لِكُلِّ نَصِيبٍ مِنْ الْبَابِ يَمُرُّ مِنْهُ لِنَصِيبِهِ مِنْ الدَّارِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَاطِفًا عَلَى مَا قِسْمَتُهُ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ أَوْ قَسَمُوا بِلَا مَخْرَجٍ مُطْلَقًا الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْقَوْمَ إذَا قَسَمُوا دَارًا أَوْ سَاحَةً أَوْ سُفْلًا وَعُلُوًّا بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا مَخْرَجَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُمْ هَذَا سَوَاءٌ كَانَ بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَخْرَجِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآله وَسَلَّمَ. .

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَسَلَّفَ مِنْ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا وَشَارَكَهُ بِمَالٍ وَبَعْدَ مُدَّةٍ أَرْسَلَ رَبُّ الْمَالِ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِهِ وَقَاسَمَ شَرِيكَهُ وَكَتَبَ حُجَّةً عَلَى نَفْسِهِ بِقَطْعِ الشَّرِكَةِ بِخَطِّهِ وَخَتْمِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ

الصفحة 215