كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

فِي هَذَا الْمَكَانِ وَكَانَ الْمَكَانُ مَوْقُوفًا فَيُحَاسَبُ بِهَا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَرَيَانُ الْعَمَلِ يَجْبُرُ الْمَالِكَ عَلَى الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فِي الْمَكَانِ الْمُسْتَأْجَرِ غَيْرِ الْوَقْفِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ اهـ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ مَعَهُمْ أَغْنَامٌ جَمَعُوهَا فِي الْمَيِّتِ وَتَنَاوَبُوا فِي السَّهَرِ لِحِفْظِهَا مُشْتَرِطِينَ أَنَّ مَنْ ضَاعَ فِي سَهْرَتِهِ شَيْءٌ مِنْهَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ فَهَلْ إذَا ضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ الشَّيْخُ الْأَبِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الشَّرْطُ بَيْنَ سَاهِرِي الْغَنَمِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ حَيْثُ غَلَبَ النَّوْمُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَلَمْ يَتَعَدَّ فَلَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْرُثَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِغُرُوبِ الرَّابِعِ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَاتَتْ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهَا وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ لِكَوْنِ رَبِّهَا بَعِيدًا عَنْ بَلَدِ الْمُكْتَرِي، وَلَمْ يَخْرُجْ فِيمَا اكْتَرَاهَا لَهُ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَهَلْ لَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي ضَامِنًا لَهَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُوجِبُهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي ضَامِنًا لَهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَابِضٍ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَانَ مُؤَجِّرًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا إلَّا مِنْ حَمْلِ نَحْوِ الطَّعَامِ مِمَّا تَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي وَشَرْطٌ أَنْ يَأْتِيَ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا ضَمْنٌ فَاسِدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ يُرَدُّ لِأَجَلِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَسْقُطْ قَبْلَ التَّمَامِ وَحَلَفَ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطَ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ وَزَادَ لِمُتَّهَمٍ عَلَى إخْفَائِهِ وَقَدْ ضَاعَ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى اسْتِثْنَاءً مِنْ أَصْلِ نَفْيِ الضَّمَانِ كَرَبْطٍ بِبَالِي الْأَحْبَالِ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ فِعْلِيٌّ وَسَبَقَ أَنَّ الْقَوْلِيَّ لَا ضَمَانَ بِهِ إلَّا صَيْرَفِيًّا أَخَذَ أُجْرَةً كَمَا فِي الْمُحَشَّى وَمَشَى بِالْمُزَالِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْرُثَ عَلَيْهَا ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُكْرِي فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَقَالَ الْمُكْتَرِي أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَقَالَ الْمُكْرِي لَمْ أُكْرِهَا إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَنْتَ تَعَدَّيْت بِزِيَادَةِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَمَا الْحُكْمُ وَإِذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ وَأَرَى لِلْمُكْرِي تَضْمِينَ الْمُكْتَرِي فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَحْكِيمُ الْعَادَةِ فَإِنْ شَهِدَتْ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّنَازُعُ بَعْد قَبْضِ الْأُجْرَةِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ لَهُمَا مَعًا فَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي بِيَمِينٍ.
وَإِنْ حَصَلَ قَبْلَهُ فَلِلْمُكْتَرِي كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَا وَقَضَى بِكِرَاءِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ هَذَا وَالْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُكْرِيَ لَا يُجَابُ لِتَضْمِينِ الْمُكْتَرِي إلَّا إنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لِلْمُكْرِي وَحْدَهُ وَحَلَفَ لِثُبُوتِ تَعُدِّي الْمُكْتَرِي حِينَئِذٍ فَلِلْمُكْرِي تَضْمِينُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُجْرَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَوْ قِيمَتَهَا فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْمَسَافَةِ حَلَفَا وَفُسِخَ إلَّا لِسَيْرٍ كَثِيرٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ كَانَ أَشْبَهًا، وَلَمْ يَنْقُدْ الْأُجْرَةَ فَإِنْ حَلَفَ الْجَمَّالُ أَيْضًا فَلَهُ الْحِصَّةُ وَفُسِخَ الْبَاقِي، وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي أَوْ هُمَا وَنَقَدَ فَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَ وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى اهـ وَقَالَ الشَّيْخُ الدُّسُوقِيُّ حَاصِلُ

الصفحة 231