كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

الْقِيَامَ بِالْخِدْمَةِ فَأَرَادَ وَرَثَةُ الْمُعْطِي أَخْذَهُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُعْطَى لَهُ بَعْدَ تَمْكِينِ الْمُلْتَزِمِ وَرَثَةَ الْمُعْطَى لَهُ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) لَا يُعْتَبَرُ تَمْكِينُ الْمُلْتَزِمِ الثَّانِي بَعْدَ تَمْكِينِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي رَفْعِ الْأَوَّلِ وَتَمْكِينِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ مِنْ نُوَّابِ السُّلْطَانِ وَالسُّلْطَانُ وَنُوَّابُهُ لَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُمْ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلِوَرَثَةِ صَاحِبِ الطِّينِ أَخْذُهُ وَدَفْعُ خَرَاجِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ بِجِوَارِ الْبَحْرِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ بَعِيدَةٌ عَنْهُ فَطَلَبَ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ قِطْعَةَ أَرْضٍ يَحْفِرُ فِيهَا سَاقِيَّةً يَسْقِي مِنْهَا أَرْضَهُ فَوَهَبَ لَهُ قِطْعَةً قَدْرَ السَّاقِيَّةِ وَمَرْبِطَ الدَّوَابِّ وَلِلْوَاهِبِ سَاقِيَّةٌ بِجَانِبِهَا، ثُمَّ حَفَرَ ابْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي مَحِلِّ رَبْطِ الدَّوَابِّ فَوَجَدَ سَاقِيَّةً قَدِيمَةً مَبْنِيَّةً فَتَنَازَعَا فِيهَا فَهَلْ الْحَقُّ فِيهَا لِمَالِكِ الْأَرْضِ الدَّافِعِ لِخَرَاجِهَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ وَقْفُ النَّظَرِ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ دَفِينٍ أَوْ بِنَاءٍ قَدِيمٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ أَمْرُهُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَهُوَ لِمَنْ مَكَّنَهُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّذِي يَدْفَعُ الْخَرَاجَ لِجِهَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَتَبَرُّعُ مُسْتَحِقِّ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِقِطْعَةٍ مِنْهَا يَرْبِطُ فِيهَا دَوَابَّهُ لَا يَسْرِي إلَى الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ الْمَدْفُونِ، وَلَا يَتَنَاوَلُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ طِينِ فِلَاحَةٍ لِآخَرَ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَالْتَزَمَ الْمُسْقَطُ لَهُ دَفْعَ الْخَرَاجِ لِلْمُلْتَزِمِ وَجَعَلَ لِلْمُسْقِطِ قَدْرًا مِنْ الْغَلَّةِ تَارَةً مِنْ نَوْعِ مَا يَزْرَعُ وَتَارَةً مِنْ جِنْسِ الْحُبُوبِ وَيُسَمُّونَ هَذَا الْقَدْرَ فِي عُرْفِهِمْ بِالرِّشْوَةِ فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ لَازِمٌ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا يُجْعَلُ لِصَاحِبِ الطِّينِ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ حَقِّهِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الطِّينِ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي مَنْعَ كَوْنِ الْمَجْعُولِ طَعَامًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ أَعْطَى أَرْضَ فِلَاحَةٍ لِرَجُلٍ لِيَغْرِسَهَا شَجَرًا وَجَعَلَ لِلْغَارِسِ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ، وَالْخَرَاجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِحُكْمِ الْأَرْضِ بَعْدَ فَنَاءِ الشَّجَرِ الَّذِي يُغْرَسُ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا صَاحِبُ الْأَثَرِ وَحْدَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْغَرْسِ أَوْ تَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَتْ مُدَّةَ الْغَرْسِ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ أَرْضُ الْفِلَاحَةِ بَعْدَ فَنَاءِ الْغَرْسِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَرْسِ لِصَاحِبِ الْأَثَرِ وَيَدْفَعُ خَرَاجَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ وَرَثَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَخَلَفَ طِينَ فِلَاحَةٍ وَطِينَ رِزْقَةٍ بِرٍّ وَصَدَقَةٍ وَرِزْقَةٍ فِي نَظِيرِ عَمَلٍ وَعَقَارٍ وَعُرْفُ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ تَوْرِيثُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَهَلْ تَخْتَصُّ الذُّكُورُ بِجَمِيعِ مَا تَرَكَهُ دُونَ الْإِنَاثِ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ تَوْرِيثُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ عُرْفٌ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَلَا تَخْتَصُّ الذُّكُورُ إلَّا بِمَا كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى عَمَلٍ خَاصٍّ بِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[رَجُل حَبَسَ مَالًا عَلَى ابْنِهِ وَبَنِي ابْنِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ أُمِّهِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حَبَسَ مَالًا عَلَى ابْنِهِ وَبَنِي ابْنِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ أُمِّهِ فَهَلْ لِأُمِّهِ نَصِيبٌ فِي الْمَالِ الْمُحْبَسِ عَلَى ابْنِهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ إنْ تَمَّتْ وَقَفِيَّةُ هَذَا الْمَالِ بِحِيَازَتِهِ عَنْ الْوَاقِفِ قَبْلَ الْمَوَانِعِ فَلَا نَصِيبَ لِأُمِّهِ فِيهِ وَإِلَّا بَطَلَ وَرَجَعَ مِيرَاثًا فَلَهَا نَصِيبٌ فِيهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ مَسْأَلَةِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِيهَا فِي الْمَرَضِ وَفِي هَذِهِ فِي الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِمَرَضِ مَوْتِهِ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْوَارِثِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْوَاقِفِ بَاطِلٌ وَسَوَاءٌ

الصفحة 248