كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى تَتْمِيمِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنْ عُلِمَ أَنَّهَا دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حِينَ اسْتِئْجَارِهِ أَوْ أُعْدِمَ النَّاظِرُ الَّذِي أَجَرَهُ لَهُ وَإِلَّا فَالتَّتْمِيمُ عَلَى النَّاظِرِ وَلِلنَّاظِرِ الثَّانِي إجَارَتُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ قَالَ الْخَرَشِيُّ فَإِنْ صَدَرَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُقْبَلُ مِمَّنْ أَرَادَهَا كَانَ حَاضِرًا الْإِجَارَةَ الْأُولَى أَوْ غَائِبًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْكِرَاءِ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَقْتَ الْعَقْدِ قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَفْعِ الزِّيَادَةِ فَهُوَ أَحَقُّ وَمَا لَمْ يُزِدْ الْآخَرُ عَلَيْهِ فَيَتَزَايَدَانِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْحَلَّ حِينَئِذٍ وَإِثْبَاتُ كَوْنِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِالنِّدَاءِ وَالِاسْتِقْصَاءِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ مُنَادَاةٍ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ وَقَعَ الْوَقْفُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَادَ آخَرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ لِلزِّيَادَةِ فَإِنْ طَلَبَ مِنْ زَيْدٍ أَنْ يَبْقَى وَيَدْفَعَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ وَقْفٍ وَقَعَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ، فَإِنَّهَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ ا. هـ. قَالَ الْعَدَوِيُّ حَيْثُ كَانَ الْوَاقِفُ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا يُقَالُ إنْ زَادَ الْغَيْرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالْتَزَمَهَا السَّاكِنُ كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ عَقْدٍ مَعَهُ فِي الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ الْخَلَلِ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ السَّاكِنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِمَا قُلْنَا هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ، ثُمَّ قَالَ تَنْبِيهٌ: إذَا أَكُرَى النَّاظِرُ بِغَيْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ضَمِنَ تَمَامَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَكُلُّ مَنْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ فَيُبْدَأُ بِهِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ حَبَسَتْ دَارًا عَلَى أَوْلَادِ وَلَدِ أَخِيهَا تَحْبِيسًا مُعَقَّبًا وَاسْتَثْنَتْ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا فَإِذَا تُوُفِّيَتْ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَذْكُورِينَ فَهَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا مَعْنَاهُ اشْتِرَاطُهَا ذَلِكَ فَتَكُونُ قَدْ حَبَسَتْهَا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا وَبَعْدَ وَفَاتِهَا تَكُونُ مُحْبَسَةً عَلَى الْمَذْكُورِينَ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ تَحْبِيسَهَا عَلَى نَفْسِهَا بَاطِلٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا حَجَرَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى وَرَثَتِهَا وَتَحْبِيسُهَا عَلَى الْمَذْكُورِينَ صَحِيحٌ بِشَرْطِ حِيَازَتِهِمْ الدَّارَ عَنْهَا فِي حَالِ صِحَّتِهَا وَسَلَامَةِ عَقْلِهَا وَتُجْبَرُ عَلَى تَجْوِيزِهِمْ إنْ طَلَبُوهُ؛ لِأَنَّ تَحْبِيسَهَا لَزِمَهَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَا مَنْعُهُمْ مِنْ حِيَازَتِهَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَاطِفًا عَلَى مُتَعَلِّقِ بَطَلَ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ التَّحْبِيسَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ قَالَ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ حَبْسًا لِلْوَرَثَةِ قَالَ الْعَدَوِيُّ أَيْ مَعَ الْحِيَازَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ حَيَوَانِ وَقْفٍ وَأَبْقَى الْأُمَّهَاتِ عَلَى مِلْكِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ وَعَلَى غَيْرِهِ يَصِحُّ تَقَدَّمَ الْوَقْفُ عَلَى النَّفْسِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ عَلَى عَقِبِي أَوْ وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى نَفْسِي أَوْ وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ

الصفحة 260