كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

فَهِيَ هِبَةُ ثَوَابٍ بَاطِلَةٌ لِلْجَهْلِ بِمَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَتُفْسَخُ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا، وَتَرْجِعُ بِمَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ صَدَاقِهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ لِزِيَادَةِ نَفَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ كَانَ مُؤَخَّرَ الصَّدَاقِ وَلِجَهَالَةِ النَّفَقَةِ إنْ دَفَعَتْ مَا قَبَضَتْ نَعَمْ إنْ ضَبَطَتْ بَلْ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا انْتَهَى.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ذِمِّيٍّ اشْتَرَى خَرِبَةً وَبَنَاهَا بَيْتًا مِنْ مَالِهِ وَسَكَنَهَا بِعِيَالِهِ وَأَمْتِعَتِهِ وَكَتَبَ حُجَّتَهَا بِاسْمِ وَلَدِهِ الْبَالِغِ فَهَلْ لَا تُعَدُّ الْكِتَابَةُ تَمْلِيكًا فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إخْرَاجُ وَالِدِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا تُعَدُّ الْكِتَابَةُ تَمْلِيكًا فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إخْرَاجُ وَالِدِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ ابْنُ يَزِيدَ، وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا يُسْتَحَقُّ مِنْهُ شَيْءٌ لِلِابْنِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا إلَّا بِإِشْهَادٍ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَقَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا فِي النَّاسِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ زَادَ عَقِبَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ الْأَخِيرِ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَهَبَتْ لَهَا أُمُّهَا فِي صِحَّتِهَا مَا يَخُصُّهَا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا وَصَدَاقِهَا الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ وَحِصَّةً مِنْ دَارِهِ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ وُجِدَتْ فِي الْحِيَازَةِ، ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهَا قَبْلَ الْحِيَازَةِ فَهَلْ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ إذَا وُجِدَتْ الْمَوْهُوبُ لَهَا فِي الْحِيَازَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبَةِ وَمَاتَتْ الْوَاهِبَةُ قَبْلَهَا لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ تَنْزِيلًا لِلْجَدِّ فِي الْحِيَازَةِ مَنْزِلَتَهَا وَهِبَةُ الْوَارِثِ مَا وَرِثَهُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ جَهِلَهُ لِاغْتِفَارِ الْجَهْلِ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ نَازَعَ الْوَرَثَةُ الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ فَلَا يُجَابُونَ وَتَأْخُذُ الْبِنْتُ الْهِبَةَ وَإِرْثَهَا مِنْ التَّرِكَةِ.
فِي الْمَجْمُوعِ الْإِعْطَاءُ بِلَا عِوَضٍ لِوَجْهِ الْمُعْطِي هِبَةً وَلِلْآخِرَةِ صَدَقَةً، وَإِنْ فِي مَجْهُولٍ، ثُمَّ قَالَ مُشَبِّهًا فِي الصِّحَّةِ كَالْجَدِّ فِيهِ أَيْ فِي الْحَوْزِ انْتَهَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّ جَدَّهُ كَتَبَ لَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ سَلِيمٌ وَثِيقَةً بِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ قَرَارِيطَ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا وَلَمْ يُفْرِزْهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ حَتَّى مَاتَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْهِبَةُ حَيْثُ كَانَ الْمُدَّعِي بَالِغًا وَقْتَ الْكِتَابَةِ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ تَبْطُلُ الْهِبَةُ عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا بِمَوْتِ وَاهِبِهَا قَبْلَ حَوْزِهَا عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأُبْطِلُهَا لِمَانِعٍ قَبْلَهُ انْتَهَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَهَبَتْ لِابْنِ بِنْتِهَا بَيْتًا سَاكِنًا فِيهِ أَبُوهُ بِلَا أُجْرَةٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ صَغِيرٌ وَاسْتَمَرَّ الْأَبُ سَاكِنًا فِيهِ كَذَلِكَ إلَى وَفَاتِهَا فَهَلْ تَكُونُ سُكْنَاهُ حِيَازَةً لِابْنِهِ؟ وَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِمَوْتِهَا، وَلَا يَكُونُ لِوَارِثِ الْوَاهِبَةِ مُعَارَضَتُهُ فِي الْهِبَةِ؟

الصفحة 286