كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

فِيهَا خَطُّ عَدْلَيْنِ غَائِبَيْنِ يَشُقُّ حُضُورُهُمَا أَوْ مَيِّتَيْنِ وَعَرَفَ عَدْلَانِ خَطَّهُمَا مَعْرِفَةً تَامَّةً وَإِنَّ كَاتِبَيْ الْخَطِّ عَدْلَانِ مِنْ تَحَمُّلِهِمَا لِمَوْتِهِمَا فَيُعْمَلُ بِهَا أَوْ خَطُّ عَدْلٍ كَذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِهَا مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَيَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْقِسْمَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَازَ عَدْلَانِ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ مُطْلَقًا كَشَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ وَشَقَّ حُضُورُهُ فِي الْأَمْوَالِ إنْ تَيَقَّنَتْ أَنَّهُ خَطُّهُ وَلَوْ لَمْ تُدْرِكْهُ وَأَنَّهُ عَدْلٌ مِنْ تَحَمُّلِهِ لِمَوْتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُبَرَّزٍ فِي الْعَدَالَةِ شَهِدَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَالْحَيَوَانُ غَائِبٌ عَنْ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ فَأُحْضِرَ الْحَيَوَانُ فَوُجِدَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ بِهَا الشَّاهِدُ فَقَالَ الشَّاهِدُ نَسِيت وَشَهِدَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ لِفُلَانٍ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَوَّلًا فَهَلْ تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَتُهُ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ فِيهَا وَلَا يُلْتَفَتُ لِاعْتِذَارِ الشَّاهِدِ بِالنِّسْيَانِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَشَهَادَتُهُ الثَّانِيَةُ لِاتِّهَامِهِ فِيهَا وَظُهُورِ عَدَمِ ضَبْطِهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يُقْبَلُ التَّذَكُّرُ بَعْدَ النِّسْيَانِ مِنْ الْمُبَرَّزِ بَلْ مَعْنَاهُ مَا صَوَّرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بِقَوْلِهِ الثَّامِنَةُ يَعْنِي مِنْ الْعَشْرِ مَسَائِلَ الَّتِي يَشْتَرِطُ فِيهَا التَّبْرِيزَ إذَا سُئِلَ عَنْ شَهَادَةٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهَا ثُمَّ شَهِدَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَجْهَ الَّذِي امْتَنَعَ بِهِ مِنْ الشَّهَادَةِ فِي مَرَضِهِ اهـ وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ وَكَذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرِيضِ أَوْ الصَّحِيحِ بَعْدَ قَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ عَنْهَا لَا أَدْرِي أَوْ لَا أَعْلَمُهَا إذَا كَانَ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ فَذَكَرَ وَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَرِيضِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ اهـ هَذَا مَعَ أَنَّ الْعَدَالَةَ مَفْقُودَةٌ فَكَيْفَ التَّبْرِيزُ فِيهَا فَلْيَتَّقِ اللَّهَ الْمُسْتَفْتَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ الْحُلِيِّ بِالتَّلَفِ]
(الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ) سَادَتَنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي الْحُلِيِّ الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ الْمَطْبُوعِ عَلَيْهِ بِطَابَعٍ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ هَلْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ أَمْ لَا؟ بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ مَتَّعَنَا اللَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِطُولِ حَيَّاتِكُمْ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ.
نَحْمَدُك اللَّهُمَّ وَنَسْأَلُك هِدَايَةً إلَى طَرِيقِ الصَّوَابِ وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى مَوْلَانَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مَنْ أُوتِيَ فَصْلَ الْخِطَابِ: يَجُوزُ لِمَنْ عَرَفَ عَيْنَ مَسْكُوكٍ أَوْ حُلِيٍّ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا لِمُدَّعِيهَا أَوْ عَلَيْهَا بِتَلَفٍ إنْ كَانَتْ رَهْنًا مِثْلًا وَشَهَادَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِنَادِهِ فِي مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْمَسْكُوكِ لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا مُلَازَمَتُهُ لِقَابِضِهِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ الشَّهَادَةِ وَإِمَّا لِطَبْعٍ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ عَادَةً وَإِعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ وَإِمَّا لِعَلَامَةٍ فِي ذَاتِ الْمَسْكُوكِ لَا يَلْتَبِسُ مَعَهَا بِغَيْرِهِ وَالْحُلِيُّ تُعْرَفُ عَيْنُهُ غَالِبًا فَإِنْ فُرِضَ اشْتِبَاهُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِنَادِهِ فِي مَعْرِفَتِهِ لِأَحَدٍ الثَّلَاثَةِ.
أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ الْحُلِيِّ بِالتَّلَفِ فَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ عُمَدِ شُرَّاحِ مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ وَتُحْفَةِ ابْنِ عَاصِمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِ الَّذِي يَنْتَفِي ضَمَانُهُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى كَحَرْقِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنُهُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ الْمَسْكُوكِ بِالتَّلَفِ إنْ كَانَتْ رَهْنًا مِثْلًا فَيُعْلَمُ جَوَازُهَا مِنْ نَفْسِ عِبَارَةِ خَلِيلٍ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى صِحَّةِ رَهْنِهِ بِقَوْلِهِ وَالْمِثْلِيُّ وَلَوْ عَيْنًا إلَخْ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَهُوَ

الصفحة 312