كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

[رَجُل وَكَّلَهُ إنْسَانٌ عَلَى بَيْعِ سِلْعَة مُعَيَّنَة وَوَكَّلَهُ آخَرُ عَلَى شِرَائِهَا]
مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَهُ إنْسَانٌ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَوَكَّلَهُ آخَرُ عَلَى شِرَائِهَا لَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَدَفَعَهُ لَهُ وَقَبْلَ قَبْضِهِ لِلسِّلْعَةِ ادَّعَى الْوَكِيلُ سَرِقَتَهَا مَعَ بَعْضِ أَمْتِعَتِهِ فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لَلْمُوَكِّل الثَّانِي قَبْلَ سَرِقَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَوْ كَانَتْ مِنْهُ وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا لَهُ قَبْلَهَا أَيْضًا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي فَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْوَكِيلِ وَيَسْتَحِقُّهُ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَيَرُدُّ لِلْمُوَكِّلِ الثَّانِي ثَمَنَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَرْسَلَ لِوَالِدِهِ مَكْتُوبًا ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ يَعْقِدُ لَهُ عَلَى بِنْتٍ وَفِيهِ خُطُوطٌ بَيِّنَةٌ وَأَخْتَامُهُمْ فَهَلْ تَثْبُتُ بِهِ الْوَكَالَةُ عَلَى الْعَقْدِ وَيَصِحُّ مِنْ الْوَالِدِ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بِخَطِّ الْوَلَدِ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ خَطُّهُ بِيَقِينٍ وَهُمَا عَارِفَانِ بِالْخُطُوطِ ثَبَتَتْ بِهِ الْوَكَالَةُ عَلَيْهِ وَصَحَّ مِنْ الْوَالِدِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا عِبْرَةَ بِخُطُوطِ الْبَيِّنَةِ وَأَخْتَامِهِمْ وَلَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهَا الْعُدُولُ قَالَ الْعَدَوِيُّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا خَطُّ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ بِمَالٍ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَشْهَدُ عَلَى خَطِّهِ وَهُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى انْتَهَى.
وَتَبِعْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَفِي الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا يَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الَّذِي يُوَجِّهُهُ بِالْكِتَابِ فَقَالَ الَّذِي قِبَلَهُ الْحَقُّ أَعْرِفُ الْكِتَابَ وَأَنَّهُ خَطُّهُ وَلَكِنْ لَا أَدْفَعُ لَك شَيْئًا فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ وَلَا يُبْرِئهُ إنْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْكِتَابِ انْتَهَى.
وَفِي أَجْوِبَةِ الْأُجْهُورِيِّ عَنْ التَّبْصِرَةِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى غَيْرِ الْمَالِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْمُنَاصِفِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالْمَالِ مِنْ غَائِبٍ هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ لَا وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالتَّوْكِيلِ حَقٌّ لِلْوَكِيلِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ يَكُونَ الْمَالُ بِيَدِهِ قِرَاضًا فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ تَثْبُت بِشَاهِدِ وَامْرَأَتَيْنِ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّه عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّدٍ وَآله وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَجِيرٍ عِنْدَ آخَرَ خَاصٍّ بِهِ دَفَعَ لَهُ جَمَلَيْنِ لِيُوَصِّلهُمَا إلَى بَلَدِ كَذَا فَسَافَرَ بِهِمَا وَضَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي وَكِيلٍ عَلَى خِصَامِ آخَرَ فِي حَقٍّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنَّ نِصْفَ الْبُسْتَانِ الَّذِي فِي بَلَدِ كَذَا الْمُحَدِّدِ بِحَدِّ كَذَا وَحَدِّ كَذَا وَحَدِّ كَذَا وَحَدّ كَذَا مِنْ جِهَاتِهِ الْأَرْبَعِ الْمَحُوزِ لِمُوَكِّلِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ تَصَدَّقَ بِهِ جَدُّ الْمُدَّعِي عَلَى جَدِّ الْمُوَكِّلِ فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَقَالَ الْبُسْتَانُ كُلُّهُ مِلْكٌ لِمُوَكِّلِهِ فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعِي مَا يُصَحِّحُ دَعْوَاهُ فَأَخْرَجَ صُورَةَ وَثِيقَةٍ بِشِرَاءِ جَدِّهِ نِصْفَ الْبُسْتَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ النِّصْفُ هُوَ الَّذِي ذَكَرْت فِي دَعْوَاك أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ جَدُّك عَلَى جَدِّ مُوَكِّلَيَّ وَآلَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ سَلَّمَ الْمُدَّعِي فِي النِّصْفِ الَّذِي تَصَدَّقَ

الصفحة 325