كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 2)

إلَى مَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مِنْ خِلَافٍ

[وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ فَوَكَّلَ خَصْمُهُ عَلَى الْخِصَامِ وَكِيلًا عَدُوًّا لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُرَدُّ تَوْكِيلُهُ]
(سُئِلَ) ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ فَوَكَّلَ خَصْمُهُ عَلَى الْخِصَامِ وَكِيلًا عَدُوًّا لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُرَدُّ تَوْكِيلُهُ؟ فَقَالَ الَّذِي أَرَاهُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ وَلَا عَدُوُّ وَكِيلِهِ الْمُخَاصَمِ عَنْهُ عَلَى الْخِصَامِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ.
وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ مَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ عَلَى الْخِصَامِ وَأَرَادَ خَصْمُهُ تَوْكِيلَهُ فَأَبَى الْأَوَّلُ ذَلِكَ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى وُجُوهِ خُصُومَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلِخَصْمِهِ تَوْكِيلُهُ إنْ شَاءَ اهـ.
وَفِي الْحَاضِرِ لِابْنِ الْحَارِثِ إنْ أَرَادَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا التَّوْكِيلَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسَا فِيهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَمَنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِ الْكَلَامِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَانَ سَحْنُونٌ لَا يُبِيحُ وَكَالَةَ الْمَطْلُوبِ.
وَإِذَا وَكَّلَ عَلَى الْخِصَامِ فَخَاصَمَ وَطَالَ الْخِصَامُ فِي قَضِيَّةٍ وَاتَّصَلَ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْوَكَالَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ اتَّصَلَ سِنِينَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا عَلَى الدَّوَامِ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَقَدْ أَشْرَفَ الْوَكِيلُ عَلَى الْإِتْمَامِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَزْلُهُ فَإِنَّ الْقَضِيَّة الَّتِي وَكَّلَ عَلَى الْخِصَامَ فِيهَا أَرَادَ الْمُخَاصَمَةَ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ بِقُرْبِ الْأَوَّلِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَجْدِيدِ التَّوْكِيلِ أَوْ كَوْنِهِ عَلَى الدَّوَامِ.
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ مَتَى شَاءَ وَأَنَّ لِلْوَكِيلِ حَلَّهَا عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْخِصَامِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ حَلُّهَا عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مُجَالَسَةِ الْخَصْمِ ثَلَاثًا وَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ بَعْدَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْوَكَالَةُ نَوْعَانِ وَكَالَةٌ بِعِوَضٍ وَوَكَالَةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ لَزِمَتْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْجِعَالَةِ فَقِيلَ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ وَقِيلَ تَلْزَمُ الْجَاعِلَ وَالْمَجْعُولَ لَهُ بِالْخِيَارِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ قَبْلَهُ فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ سَقَطَ خِيَارُ الْجَاعِلِ وَبَقِيَ خِيَارُ الْمَجْعُولِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَزِمَتْ الْمُوَكِّلَ وَلَهُ عَزْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَكِيلِ فَقَالَ مَالِكٌ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَادِي وَالتَّرْكِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ.
وَمَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُ فَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ عَنْهُ وَإِنْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ أَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ غَائِبٌ وَتَصَرَّفَ بَعْدَ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَفِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ: مَنْ وَكَّلَ عَلَى الْبَيْعِ فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ بِاتِّفَاقٍ.
مَنْ وَكَّلَ عَلَى الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مَا لَا يَلِيقُ فِيهِ قَوْلَانِ: مَنْ وَكَّلَ عَلَى بَيْعٍ بِكَذَا نَسِيئَةً فَبَاعَ بِهِ نَقْدًا فِيهِ قَوْلَانِ: مَنْ وَكَّلَ عَلَى شِرَاءٍ بِكَذَا نَقْدًا فَاشْتَرَى بِهِ نَسِيئَةً فِيهِ قَوْلَانِ.
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِعَرْضٍ وَلَا نَسِيئَةٍ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إلَّا بِإِذْنٍ فِي ذَلِكَ وَلَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِوَلَدِهِ وَلَا لِيَتِيمِهِ وَلَا يُشْتَرَى وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَإِنْ اشْتَرَى مَعِيبًا عَالِمًا بِعَيْبِهِ فَلَا يَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يَسِيرًا وَيَكُونَ الشِّرَاءُ نَظَرًا وَالْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَالْيَمِينُ كَالْوَصِيِّ وَغَيْرُ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ إنْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ عُلِمَتْ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا النَّخَّاسُونَ وَالسَّمَاسِرَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهٍ وَعُهْدَةُ مَا يَبِيعُونَهُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ عَرَفَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ غَابَ عَنْ بَلَدِهِ وَوَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْقِيَامِ بِشَعَائِرِهِ وَقَبْضِ غَلَّاتِهِ وَصَرْفِهَا

الصفحة 327