كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)

عِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ فَإِذَا سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَ الْحَالِقَ فَقَدْ فَرَّطَ فِيهِ فَيَضْمَنْهُ (كَمَا لَوْ أُكْرِهَ) الْمُحْرِمُ (عَلَى حَلْقِهِ) أَيْ: الشَّعْرِ فَحَلَقَهُ (بِيَدِهِ) فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَهُوَ يَسْتَوِي فِيهِ مَنْ بَاشَرَهُ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا.
(وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ) وَلَوْ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ وَاحِدٌ فَلَا يُوجِبُ فِدْيَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُحْرِمُ الْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ (مُكْرَهًا) وَحُلِقَتْ رَأْسُهُ (بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ) كَانَ (نَائِمًا) وَحُلِقَتْ رَأْسُهُ (فَ) الْفِدْيَةُ (عَلَى الْحَالِقِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْ إزَالَتِهِ كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ.

(وَمَنْ طَيَّبَ غَيْرَهُ) وَالْغَيْرُ مُحْرِمٌ (فَكَحَالِقٍ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَعَلَى الْفَاعِلِ وَيَأْتِي: أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ تَطَيَّبَ مُكْرَهًا.

(وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ حَلَالًا) يَعْنِي أَزَالَ شَعْرَهُ (أَوْ قَلَمَ) الْمُحْرِمُ (أَظْفَارَهُ) أَيْ: الْحَلَالِ (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) أَيْ: هَدْرٌ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَعْرٌ أَوْ ظُفْرٌ مُبَاحُ الْإِتْلَافِ فَلَمْ يَجِبْ بِإِتْلَافِهِ جَزَاءٌ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.

(وَحُكْمُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ وَ) فِي (الطِّيبِ وَ) فِي (اللُّبْسِ: وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَّا مَوْضِعُهُ (فَإِنْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ) فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَمَا لَوْ لَبِسَ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ (أَوْ تَطَيَّبَ) فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ (أَوْ لَبِسَ فِيهِمَا ف) عَلَيْهِ (فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ فَهُوَ آكَدُ مِنْ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُنَا أَوْلَى.

(وَإِنْ حَلَقَ مِنْ رَأْسِهِ شَعْرَتَيْنِ وَمِنْ بَدَنِهِ شَعْرَةً أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ حَلَقَ مِنْ بَدَنه شَعْرَتَيْنِ وَمِنْ رَأْسِهِ وَاحِدَةً (فَعَلَيْهِ دَمٌ) أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.

(وَإِنْ خَرَجَ فِي عَيْنَيْهِ شَعْرٌ فَقَلَعَهُ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ نَزَلَ شَعْرُ حَاجِبَيْهِ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ فَأَزَالَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ آذَاهُ فَكَانَ لَهُ إزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ كَقَتْلِ الصَّيْدِ الصَّائِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَقَ شَعْرَهُ لِقَمْلٍ، أَوْ صُدَاعٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ الْأَذَى مِنْ غَيْرِ الشَّعْرِ (وَكَذَا إنْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَصَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ بَقَاؤُهُ وَكَذَا إنْ وَقَعَ بِظُفْرِهِ مَرَضٌ فَأَزَالَهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (أَوْ قَطَعَ إصْبَعًا بِظُفْرِهَا) فَهَدَر؛ لِأَنَّهُ زَالَ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مُدَاوَاةُ مَرَضِهِ إلَّا بِقَصِّهِ قَصَّهُ وَفَدَى (أَوْ قَلَعَ جِلْدًا عَلَيْهِ شَعْرٌ) فَهَدَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ اُفْتُصِدَ فَزَالَ شَعْرٌ) فَهَدَرٌ وَلَوْ قَطَعَ أَشْفَارَ عَيْنٍ لَمْ يَضْمَنْ الْهُدْبَ.

(وَإِنْ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ أَوْ مَشَّطَهَا أَوْ) خَلَّلَ (رَأْسَهُ) أَوْ مَشَّطَهَا (فَسَقَطَ شَعْرٌ مَيِّتٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ إنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ إنْ كَانَتْ شَعْرًا مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ) أَيْ: الشَّعْرَ (بَانَ بِالْمُشْطِ أَوْ التَّخْلِيلِ فَدَى)

الصفحة 423