كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)

لَهُ سَمَاعٌ مِنْ جَابِرٍ.
وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ «أَتَى بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا فَقَالُوا أَلَا تَأْكُلُ أَنْتَ؟ فَقَالَ إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنَّمَا صِيدَ لِأَجْلِي» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (الْجَزَاءُ إنْ أَكَلَهُ) أَيْ: مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مُنِعَ مِنْهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ بِهِ الْجَزَاءُ كَقَتْلِ الصَّيْدِ بِخِلَافِ قَتْلِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا ثُمَّ يَأْكُلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ كَإِتْلَافِهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ وَكَصَيْدِ الْحَرَمِ إذَا قَتَلَهُ حَلَالٌ وَأَكَلَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَهِيَ لَا تُضْمَنُ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ بِأَكْلِهِ مُحْرِمٌ غَيْرُهُ.
(وَإِنْ أَكَلَ) الْمُحْرِمُ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ (ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ اللَّحْمِ) مِنْ النَّعَمِ (كَضَمَانِ أَصْلِهِ) لَوْ أَكَلَهُ كُلَّهُ (بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ) وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَصْلَ.
(وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ) أَيْ: فِي ضَمَانِ الْبَعْضِ بِمِثْلِهِ مِنْ اللَّحْمِ (لِجَوَازِ عُدُولِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (إلَى عَدْلِهِ) أَيْ: الْبَعْضِ (مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَوْمٍ) فَلَا يُفْضِي إلَى التَّشْقِيصِ (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (أَكْلُ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا صِيدَ أَوْ ذُبِحَ لَهُ إذَا لَمْ يَدُلَّ وَنَحْوُهُ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(فَلَوْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُحْرِمِينَ حَرُمَ عَلَى الْمَذْبُوحِ لَهُ) لِمَا سَبَقَ (لَا) يَحْرُمُ (عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُحْرِمِينَ) لِمَا مَرَّ (وَمَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ لِدَلَالَةٍ أَوْ إعَانَةٍ أَوْ صَيْدٍ لَهُ) أَوْ ذَبْحٍ لَهُ (لَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْرِمٍ غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الدَّالِّ أَوْ الْمُعِينِ أَوْ الَّذِي صِيدَ أَوْ ذُبِحَ لَهُ (كَحَلَالٍ) أَيْ: كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ.

(وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ يَحْرُمُ أَكْلُهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ) وَالْمَيْتَةُ غَيْرُ مُتَمَوَّلَةٍ فَلَا تُضْمَنُ.
(وَكَذَا إنْ حُرِّمَ) صَيْدٌ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُحْرِمِ (بِالدَّلَالَةِ أَوْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِشَارَةِ) إلَيْهِ (فَأَكَلَ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنُ) مَا أَكَلَهُ (لِلْأَكْلِ) بَلْ لِلسَّبَبِ مِنْ الدَّلَالَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالسَّبَبِ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ ضَمَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَبَيْضُ الصَّيْدِ وَلَبَنُهُ مِثْلُهُ فِيمَا سَبَقَ) ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْئِهِ (وَيَحْرُمُ تَنْفِيرُ الصَّيْدِ) ؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ وَكَصَيْدِ الْحَرَمِ (فَإِنْ نَفَّرَهُ فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ فِي حَالِ نُفُورِهِ ضُمِنَ) التَّالِفُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَمَا نَقَصَ بِأَرْشِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ.
(وَإِنْ أَتْلَفَ) الْمُحْرِمُ (بَيْضَهُ) أَيْ: الصَّيْدِ (وَلَوْ) كَانَ إتْلَافُهُ (بِنَقْلِهِ) مِنْ مَكَانِهِ (فَجَعَلَهُ تَحْتَ صَيْدٍ آخَرَ) أَوْ لَا (أَوْ تَرَكَ مَعَ بَيْضِهِ بَيْضًا آخَرَ) فَنَفَرَ (أَوْ) جَعَلَ مَعَ بَيْضِهِ (شَيْئًا فَنَفَرَ) الصَّيْدُ (عَنْ بَيْضِهِ حَتَّى فَسَدَ) الْبَيْضُ (ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانَهُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ "؛ وَلِأَنَّ الْبَيْضَ لَا مِثْلَ لَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ كَصِغَارِ الطَّيْرِ وَإِطْلَاقِ الثَّمَنِ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ

الصفحة 435