كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)
عُذْرٍ.
(فَإِنْ لَبِسَ بَعْدَ إحْرَامِهِ ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا أَوْ انْقَطَعَ رِيحُهُ) إذَا رُشَّ فِيهِ مَاءٌ فَاحَ رِيحُهُ فَدَى (أَوْ افْتَرَشَهُ وَلَوْ تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرِ ثِيَابِهِ لَا يَمْنَعُ رِيحُهُ وَمُبَاشَرَتِهِ إذَا رَشَّ فِيهِ مَاءً فَاحَ رِيحُهُ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ مُطَيَّبٌ بِدَلِيلِ أَنَّ رَائِحَتَهُ تَظْهَرُ عِنْدَ رَشِّ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا رَائِحَةَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ ظَهَرَتْ الرَّائِحَةُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَائِلُ غَيْرَ ثِيَابِهِ صَفِيقًا يَمْنَعُ رِيحَهُ وَمُبَاشَرَتَهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ.
[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَمَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ) وَجَبَ ل (فَوَاتٍ أَوْ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ فِي الْحَرَمِ وَهَدْيِ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَمَنْذُورٍ وَنَحْوِهَا) فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ أَمَّا الْهَدْيُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وَأَمَّا مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فَوَاتِ الْحَجِّ فَلِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَشْبَهَ دَمَ الْقِرَانِ وَالْإِطْعَامِ فِي مَعْنَى الْهَدْيِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ "؛ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَنْفَعَهُمْ كَالْهَدْيِ وَكُلُّ هَدْيٍ قُلْنَا إنَّهُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَم فَإِنَّهُ (يَلْزَمهُ ذَبْحه فِي الْحَرَم) وَيُجْزِئُهُ الذَّبْح فِي جَمِيع الْحَرَم لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِر مَرْفُوعًا «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَكِنَّهُ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا، وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] لَا يُمْنَعُ الذَّبْحُ فِي غَيْرِهَا كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ بِمِنًى.
(وَ) يَلْزَمُهُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَرَمِ (أَوْ إطْلَاقُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ: الْحَرَمِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ قَدِرَ عَلَى إيصَالِهِ إلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَبْحِهِ بِالْحَرَمِ التَّوْسِعَةُ عَلَى مَسَاكِينِهِ وَلَا يَحْصُلُ بِإِعْطَاءِ غَيْرِهِمْ.
(وَهُمْ) أَيْ: مَسَاكِينُ الْحَرَم (مَنْ كَانَ) مُقِيمًا
الصفحة 460
536