كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)

اشْتَرَكَ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ حَرَمِيٍّ فَالْجَزَاء عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقَتْلِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ جِهَةُ التَّحْرِيمِ فِي أَحَدِهِمَا وَاتَّحَدَتْ فِي الْآخَرِ (وَهَذَا الِاشْتِرَاكُ الَّذِي هَذَا حُكْمُهُ هُوَ الَّذِي يَقَعُ) فِيهِ (الْفِعْلُ مِنْهُمَا مَعًا أَوْ يَجْرَحُهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَيَمُوتُ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْجُرْحَيْنِ بِالسِّرَايَةِ (فَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ فَعَلَى الْجَارِحِ مَا نَقَصَهُ) أَيْ: أَرْشَ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ فِي الْقَتْلِ (وَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ مَجْرُوحًا) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ كَذَلِكَ.

(وَإِذَا قَتَلَ الْقَارِنُ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ) لِعُمُومِ الْآيَةِ: وَكَذَا لَوْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ وَكَذَا الْمُحْرِمُ يَقْتُلُ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَكُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ كَفَّارَةُ قَتْلِ الصَّيْدِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُبْتَدِئُ وَالْعَائِدُ كَقَتْلِ الْآدَمِيِّ، وَالْآيَةُ اقْتَضَتْ الْجَزَاءَ عَلَى الْعَائِدِ لِعُمُومِهَا وَذِكْرُ الْعُقُوبَةِ فِي الْعَائِدِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ.

[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]
(بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا) أَيْ: حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ (يَحْرُمُ صَيْدُ حَرَمِ مَكَّةَ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ) إجْمَاعًا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَنَّهُ «قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا فَقَالَ الْعَبَّاسُ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ قَالَ إلَّا الْإِذْخِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ إبْرَاهِيمَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ: إنَّمَا حُرِّمَتْ بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ " أَنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَهَا " أَيْ: أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا (فَمَنْ أَتْلَفَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ صَيْدٍ حَرَمِ مَكَّةَ (شَيْئًا وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ كَافِرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ كَالْمَالِ وَهُمْ يَضْمَنُونَهُ (فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِ فِي مِثْلِهِ) .
نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ، وَلِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْجَزَاءِ فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مِثْلِيًّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ) بِقَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ (جَزَاءَانِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ (وَحُكْمُ صَيْدِهِ) أَيْ: حَرَمِ مَكَّةَ (حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي التَّحْرِيم وَوُجُوبِ

الصفحة 468