كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)

بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهُوَ رَاكِبٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا ثُمَّ قَالَ هَهُنَا كَانَ يَقُومُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ مَاشِيًا.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا رَمَاهَا (مَاشِيًا) وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّهَا تَحِيَّةُ مِنًى) تَعْلِيلٌ لِبُدَاءَتِهِ بِهَا كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُبْدَأ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ.

(فَرَمَاهَا) أَيْ: جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (بِسَبْعِ) حَصَيَاتٍ (وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ) أَيْ: حَصَاةٍ بَعْدَ حَصَاةٍ (بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ نَدْبًا) لِقَوْلِ جَابِرٍ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْمِي الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَحْدَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ أَجْزَأَهُ) الرَّمْيُ قُلْتُ إنْ كَانَ وَقَفَ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تُعَجِّل الْإِفَاضَةَ وَتُوَافِي مَكَّةَ مَعَ صَلَاةِ الْفَجْرِ» احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّهُ وَقَّتَ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحَدِيث أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.

(وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ) قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ (ف) إنَّهُ يَرْمِيهَا (بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْغَدِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فَلَا يَرْمِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ ".

(فَإِنْ رَمَاهَا) أَيْ: السَّبْعَ (دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يُجْزِئْهُ) الرَّمْيُ (إلَّا عَنْ) حَصَاةٍ (وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَمَى سَبْعَ رَمْيَاتٍ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَيُؤَدَّبُ نَصًّا) نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِحُصُولِهَا) أَيْ: السَّبْعِ حَصَيَاتٍ (فِي الْمَرْمَى) فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.
(وَفِي سَائِرِ الْجَمَرَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرَّمْيِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِالظَّنِّ وَلَا بِالشَّكِّ فِيهِ.

(وَلَا يُجْزِئُ وَضْعُهَا) أَيْ: الْحَصَيَاتِ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَمْيٍ (بَلْ) يُعْتَبَرُ (طَرْحُهَا) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِهِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
(وَلَوْ أَصَابَتْ) الْحَصَاةُ (مَكَانًا صَلْبًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ (فِي غَيْرِ الْمَرْمَى ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إلَى الْمَرْمَى أَوْ أَصَابَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ ثُمَّ طَارَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى أَجْزَأَتْهُ) ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ انْفَرَدَ بِرَمْيِهَا (وَكَذَا لَوْ نَفَضَهَا) أَيْ: الْحَصَاةَ (مَنْ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِهِ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى) أَجْزَأَتْهُ " (نَصًّا) لِحُصُولِهَا فِي الْمَرْمَى.
(وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِ الثَّانِي) دُونَ الْأَوَّلِ

الصفحة 500