كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 2)

(مِنْ) الْجَانِبِ (الْأَبْعَدِ أَفْضَلُ) كَمَنْ بِالْمِيقَاتِ فَإِنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَبْعَدِ عَنْ الْحَرَمِ أَفْضَلُ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْمَوَاقِيتِ.

(وَتُبَاحُ) الْعُمْرَةُ (كُلَّ وَقْتٍ) مِنْ أَوْقَاتِ السَّنَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهَا (فَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَ) لَا يَوْمَ (النَّحْرِ وَ) لَا أَيَّامَ (التَّشْرِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعَائِشَةَ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ «اعْتَمَرَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمْرَةً مَعَ قِرَانِهَا وَعُمْرَةً بَعْدَ حَجِّهَا» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عَلِيٌّ " فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةٌ وَكَانَ أَنَسٌ " إذَا حَجَّمَ رَأْسَهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ " رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ.
(وَيُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهَا نَصًّا) بِاتِّفَاقِ السَّلَفِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ أَحْمَدُ إنْ شَاءَ كُلَّ شَهْرٍ، وَقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، وَفِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُهُ وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ.

(وَهِيَ) أَيْ: الْعُمْرَةُ (فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتَارَ فِي الْهَدْيِ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ التَّسْوِيَةُ " (وَأَفْضَلُهَا فِي رَمَضَانَ وَيُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهَا فِيهِ) أَيْ: فِي رَمَضَانَ (؛ لِأَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ مَنْ أَدْرَكَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ عُمْرَةَ رَمَضَانَ قَالَ إِسْحَاقُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» وَقَالَ أَنَسٌ «حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةً وَاحِدَةً وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، وَاحِدَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حِجَّتِهِ، وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ، إذْ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَتُسَمَّى الْعُمْرَةُ حَجًّا أَصْغَرَ) لِمُشَارَكَتِهِمَا لِلْحَجِّ فِي الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ، وَانْفِرَادُهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَإِنْ (أَحْرَمَ) بِالْعُمْرَةِ (مِنْ الْحَرَمِ لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِهِ مِيقَاتَهُ، وَهُوَ الْحِلُّ (وَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا.

(ثُمَّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ) يَطُوفُ (لِعُمْرَتِهِ) وَيَسْعَى، ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا يُحِلُّ قَبْلَ ذَلِكَ (أَيْ: قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ) كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَقَدَّمَ.

(وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ) عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ (وَ) تُجْزِئُ (عُمْرَةٌ) مِنْ (التَّنْعِيمِ) عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ حِينَ قَرَنَتْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَقَالَ لَهَا

الصفحة 520