كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 2)
وأقول: هذا خطأ، لأن الضّمير الذي في فجعته إذا جعله راجعا إلى الخيل التي تقدّم ذكرها لم تبق حملات متعلّقة بشيء، فحملات هاهنا فاعل فجعته لا الخيل،
وقد تبعه التبريزيّ في هذا الموضع، فنقل لفظه ولم يتدّبر معناه، فلزمه من ذلك ما لزمه.
وقوله: (الطويل)
مضى يشكر الأصحاب في فوته الظّبا ... لما شغلتها هامهم والمعاصم
ويفهم صوت المشرفيّة فيهم ... على أن أصوات السّيوف أعاجم
قال: ادّعى الشّاعر، إنه يفهم صوتها على بعد، وهو نحو من قول مهلهل: (الوافر)
ولولا الرّيح أسمع أهل فلج ... صليل البيض تقرع بالذّكور
وأقول: ليس في كلامه ما يدلّ على إنه يسمع صوتها على بعد، وذلك أن (قوله:) ويفهم معطوف على قوله مضى يشكر فيشكر في موسع الحال، والتّقدير: فرّ شاكرا الأصحاب وفهما صوت المشرفيّة، وهذا يدلّ على القرب لا البعد، لأنه إنما شكرهم في حال شغلهم السّيوف عنه، وهو معهم في الجيش، قريبا منهم، ولو