كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 2)

وما مات منّا سيّد حتف أنفه ... ولا طلّ منّا حيث كان قتيل
والشّجاع يشتهي أن يموت في الحرب. والأقرب أن يكون معنى قوله:
. . . . . . . . . وموتا يشهّي الموت كلّ جبان
أنه مات صرعا من شرب الخمر، كما ذكر، فهذا موت يشتهيه الجبان.
وقوله: (الطويل)
ثنى يده بالإحسان حتّى كأنّها ... وقد قبضت كانت بغير بنان
قال: يقول: ملأت يده بالإحسان، حتى ثناها إلى ورائها، فكأنها لمّا قبضت ما وهبت له لم يكن لها بنان تطبقه على الموهوب فأرسلته.
وأقول: أن قوله: ثناها إلى ورائها ليس بشيء! وإنما ثناها: ردّها، (أي جلعها) وقد كانت ذات بنان، كأن لا بنان لها لما قبضت على إحسانك، أي: لم تحفظ إحسانك، ولم تحافظ عليه فضيّعته، وفي هذا إشارة إلى غدره وجحده للجميل، وكفره للأنعام، وقد بيّن ذلك بما بعده.

الصفحة 226