كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 2)

قال: الرواية التي في ايدي الشّاميين، ينصبون طيبا، ويجب أن يكون نصبه بإضمار فعل، كأنه قال: تزيد طيبا، أو: تطيب طيبا، كلا تقول: فلان سيرا، أي:
يسير سيرا.
والبغداديّون ينشدون: طيب بالرّفع، وإنما فرّوا من النّصب، لأنه ليس ثمّ فعل يحمل عليه. والرّفع على أن طيب خبر مبتدأ، وهذا كلام النّحاة من البصريين.
وأقول: أن الشّعر موضع ضرورة، يقع فيه التقديم والتأخير، وهو على أصله في الكلام، فيكون تقدير هذا البيت: مغاني الشّعب في المغاني طيبا، أي: استقرّت طيبا، بمنزلة الرّبيع من الزّمان طيبا، ويكون مثل قولهم: زيد في الدار قائما (وأجيز في قائما التقديم في الشعر). وإذا جاز أن يؤخّر الفاعل ويقدّم المفعول في قولهم: ضرب غلامه زيد، وفي قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه)، والفاعل كالجزء من الفعل، ولهذا إذا كان مضمرا مرفوعا لم يعطف عليه حتى يؤكّد، فلم لا يجوز التقديم (والتأخير) في مثل هذا البيت؟
وقوله: (الوافر)
ولكنّ الفتى العربيّ فيها ... غريب الوجه واليد واللّسان

الصفحة 228