كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 2)

قال: ذهب بعض الناس، إلى أن في هذا البيت النّعمة، إنما أراد، أن العرب تخالف العجم في خلقها ولفظها، لأنّ وجوههم بيّنة من وجوه العرب، ولحاهم شقر وصهب، وكان مرور أبي الطيب بالكرد، وايديهم لا تشبه أيدي العرب، لأنها غلاظ جعدة.
وأقول: أن الصّحيح إنه أراد بغريب اليد ما أراد بغريب اللّسان أي: كتابتهم أعجمية، كما أن لغتهم أعجمية، فهذا لسان غريب في الألسن، وهذا خطّ غريب في الخطوط، فكنى بغربة اليد واللّسان عن عجمة الخطّ والكلام.
وقوله: (الوافر)
وأمواه يصلّ بها حصاها ... صليل الحلي في أيدي الغواني
قال: زعم الشّاعر، أن هذه الأمواه حسنة، فحصاها يصلّ فيها، كما يصلّ حلي
الغانية عليها، وفي هذا البيت صفة الأمواه وحصاها، لأنه جعل حصاها كالحلي، وجعلها كالغانيات من النّساء.
وأقول: لم يرد في هذا البيت، إلا وصف صوت المياه بجريها على الحصى، وإنها تشوق (بصوتها) كما يشوق صليل الحلي في أيدي النّساء، يعني: قلائدهنّ إذا عبثن بها ولعبن. ولا يريد بالحلي في أيدي الغواني، سورهنّ وما أشبهها، لأنّ المحمود من ذلك أن لا يصلّ ولا يصوّت.

الصفحة 229