كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 2)

بالباء، أي: يحضّ على ترك النّاس القتل بالقتل، وفي الكتاب العزيز: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) وهذا اللّفظ يشير إلى اللفظ الأول: القتل أنفى للقتل. وإن رويت في التفاني فله معنى يؤدّي المعنى الأول. ويحتمل أن يريد:
على التّفاني في الدار التي فيها التّفاني، أما من تفاني النّاس بالقتل، وأمّا من تفانيهم بالموت.
وأقول: إنه ذكر وجهين (الأول) ظاهر سائغ، وهو المقدّر بالباء، لأنه معنى القرآن، وكلام العرب القديم. والثاني مظلم، وهو المقدّر بفي من قوله: يريد أن يحضّ على التّفاني في الدّار التي فيها التّفاني وتقسيمه له. والصحيح أن هذا الوجه ينظر إلى قوله: (البسيط)
ضربته بصدور الخيل حاملة ... قوما إذا تلفوا قدما فقد سلموا
يعني: بما يبقى له من الذّكر الجميل، الذي يقوم مقام الحياة. وكذلك قوله:
. . . . . . . . . يحضّ على التّباقي في التّفاني
أي: يحضّ على البقاء في الفناء - يعني القتل في موطن الحرب، بما يكسبه من الثّناء الجزيل، والذّكر الجميل لقوله: (البسيط)
ذكر الفتى عمره الثاني. . . . . . . . . . . .

الصفحة 231