فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة؛ فأنزل الله عز وجل:} إن الصفا والمروة من شعائر الله {.
وروى الشعبي قال: كان على الصفا وثن يقال له: إساف، وعلى المروة وثن يقال له: نائلة. فكان المشركون يطوفون بينهما، فملا كان الإسلام قال ناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أهل الجاهلين كانوا يطوفون بين الصفا والمروة للوثنين؛ فنزلت هذه الآية. وهذا ليس هو السعي الذي نوجبه نحن، بل هو ما كان المشركون يتعاطونه.
وبما يجاب به عن هذا ما روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في السعي: نبدأ بما بدأ الله عز وجل به، وابدؤوا بما بدأ الله به، وإنه بدأ بالصفا.
وهذا يدل على أن الأمر بالآية يقتضي الأمر بالسعي؛ لأنه أخبر أن ما يفعله إتباعًا للظاهر وامتثالاً له.
ولا يجوز لمن يقول: فعل يفعله نبدأ بما بدأ الله عز وجل به في ظاهر لا يقتضيه ولا يفيده. وإذا كان كذلك ثبت ما قلنا.
وأجاب بعض من وافقنا عنه بأنه قال قوله عز وجل:} فلا جناح {كلام مستقل بنفسه عائد إلى الحج والعمرة كأنه قال سبحانه:} فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح {ثم استأنف فقال:} عليه أن يطوف بهما {؛ ليفيد وجوب السعي.
وهذا ليس بصحيح؛ لأن الكلام مرتبط بعضه ببعض؛ فلا يجوز تبعضه، ولأنا أنكرنا عليهم كون السعي مباحًا.