وهذا الجواب يقتضي إباحة الحج والعمرة، وذلك أدخل في الفساد مما قالوه؛ فيجب بطلانه.
فأما تعلقهم بما رواه من قراءة أبي، وابن مسعود وغيرهما فباطل أيضًا؛ لأنها مخالفة للمصحف المجتمع عليه؛ فلا يلتفت إليه.
وقولهم أقل ما فيه أن يكون خبر واحد غير صحيح؛ لأن أخبار الآحاد لا يثبت بها نقل القرآن؛ ويبين ذلك أن عائشة - رضي الله عنها - أنكرت على عروة ما يفضي إلى هذه القراءة فقالت: لو كان ذلك على ما قلت لكانت فلا جناح عليه ألا يطوف بهما؛ فدل هذا أيضًا على أن هذه القراءة لا أصل لها.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجة" فمعناه أن المقصود الذي يفوت الحج بفواته هو عرفة، وليس المراد به حقيقة اللفظ؛ لأنه لو وقف بعرفة من غيرهم إحرام لم يكن حاجًا، وكذلك لو لم يطف في الإحرام لم يكن حجه تاما؛ فثبت أن معناه ما قلناه.
فأما قولهم أن السعي تابع للطواف، وما كان تابعًا لغيره لم يكن ركنًا: فليس بصحيح؛ لأنه ليس بتابع بل هو ركن بنفسه.
فأما استشهارهم على ذلك بأنه لا يفعل منفردًا بنفسه ولا يؤتي به إلا عقيب طواف: فإنه باطل؛ لأن هذا لا يوجب أن يكون تبعًا للطواف؛ لأن الشيء قد يكون له حكم نفسه، ولا يكون تبعًا لغيره وإن كان من شرطه أن يتقدمه غيره؛ يبين ذلك أن الوقوف بعرفة لا يصح لا بعد تقدم