واجبة للطواف. قلنا: لأنها عبادة تجب لها الطهارة؛ فوجب أن تكون من شرطها كالصلاة.
وعلى قول من لا يسلمه نقول: لأنها عبادة لها تعلق بالبيت تختص به؛ فكانت الطهارة من شرطها؛ اعتبارًا بالصلاة.
فأما تعلقهم بقوله تعالى:} وليطوفوا {ففيه جوابان:
أحدهما: أن الطهارة واجبة عندهم أو مسنونة؛ فإيقاع الطواف بغير طهارة مكروه من قول الجميع، والأمر لا يتناول الفعل على وجه مكروه.
والثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بين ذلك بقوله: "خذوا عني مناسككم"، وتوضأ وطاف واعتبارهم بالوقوف بعلة أنه ركن: غير صحيح؛ لأن الوقوف لا تجب له الطهارة بالاتفاق؛ فلم يكن من شرط صحته. وليست كذلك الطواف.
واعتبارهم بالصوم بعلة أنه لم يشترط فيه منع الكلام: باطل أيضًا بما قلناه؛ لأن الطهارة غير واجبة فيه، أو لأنه لا يفعل متوجهًا به للبيت.
وقولهم أن هذه الأفعال من موجبات الإحرام فإذا لم تجب الطهارة للأصل كانت بأن لا تجب لأفعاله أولى محض الدعوى؛ لأنه لا يمتنع أن يكون فعل هذه الأشياء لا يصح إلا بعد تقدم الإحرام، وأن الإحرام نفسه يجزئ بغير طهر وما بعده لا يجزئ إلا بطهر لمعنى يختصه؛ فبطل ما ذكروه وقولهم: لو كانت الطهارة شرطًا في ركن من هذه الأركان لكانت شرطًا في الجميع ينقلب عليهم في الوجوب؛ لأن الطهارة لو كانت واجبة في الجميع.