كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وقوله: إنه يقف حتى تغرب الشمس فلأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كذلك فعل على ما سنذكره. ولا خلاف أن هذا هو الأولى والأفضل، وإنما الخلاف في أن ذلك يلزم أو يستحب؛ فعندنا أنه يلزم، وأن الاعتماد في الوقوف بعرفة على الليل من ليلة النحر والنهار من يوم عرفة تبع، والأحسن أن يجمع بين النهار والليل بالوقوف، وإن أفرد الليل بالوقوف أجزأه أي وقت منه وقف أوله أو وسطه أو آخره وإن كان جزءًا يسيرًا، وإن أفرد النهار بالوقوف لم يحزءه حتى يصله بجزء من الليل.
فإن وقف نهارًا، أو دفع قبل الغروب ولم يرجع إلى عرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فأته الحج عندنا، وإن رجع فوقف بها قبل طلوع الفجر أجزأه.
وعند أبي حنيفة والشافعي أن الاعتماد على النهار من يوم عرفة بعد الزوال وأن الليل كله تبع، فإذا وقف جزءًا من نهار يوم عرفة بعد الزوال أجزأه، وكذلك إن وقف جزءا من الليل ليلة النحر ولم يقف شيئا من نهار يوم عرفة أجزأه.
إلا أنهم يقولون: إن أفرد الوقوف بالنهار دون الليل أجزأه وعليه دم لترك الوقوف ليلًا.
واختلف أصحاب الشافعي في تأويل قوله: (إن عليه دم) فمنهم من حمله على ظاهره- وهو الإيجاب-، ومنهم من قال: المراد به الاستحباب لئلا يلزمهم عليه ما يذكره أصحابنا؛ وذلك أن أحد ما يستدل به إذا دفع قبل الغروب ولم يرجع حتى طلع الفجر فإن الحج قد فاته هو أن يقول: إن

الصفحة 152