كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

ومما يدل على ما قلناه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دفع بعد المغرب، وقد قصد بفعله بيان المناسك؛ روى ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ فروى أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عياش بن الحارث عن يزيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي- رضي الله عنه- قال: أردف- يعني: النبي- صلى الله عليه وسلم- أسامة فجعل صلى الله عليه وسلم يسير على ناقته، والناس يضربون الإبل يمينًا وشمالًا لا يلتفت إليهم، ويقول: "السكينة أيها [ق/143] الناس"، فدفع حين غابت الشمس.
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أتى الموقف فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص فذهب فأردف أسامة خلفه.
وروى أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن عباس قال: حدثنا إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد قال: كنت رديف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما وقعت الشمس دفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
والاستدلال بهذه الأخبار من وجهين:
أحدهما: أن فعله على الوجوب.
والآخر: قصد به بيان المناسك بقوله: "خذوا عني مناسككم".

الصفحة 154