فدل ذلك على أن من دفع قبل الغروب يجزئه؛ لخلافه فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
فإن قيل: إنما دفع بعد الغروب ليستوفى أجزاء النهار، لا انتظار الليل.
قيل له: هذا ليس بصحيح من قبيل أنه لا خلاف أن الأفضل الجمع بين الليل والنهار. وحمل الخبر على ما قالوا يوجب أن يكون قصد معنى غير الأفضل وترك الأفضل؛ لأنه إذا كان الأفضل هو الجمع بينهما اقتضى ذلك أن يكونا جميعًا مقصودين بالوقوف؛ ولأن أجزاء النهار غير مستغرقة للوقوف؛ فلا معنى لما قالوه.
ويدل على ذلك أيضًا ما رواه ابن وهب عن ابن جريج عمن حدثه من محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة قال: خطب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عشية عرفة، ثم قال: "أما بعد فإن هذا [يوم] الحج الأكبر، وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل غروب الشمس حين تعتم بها رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم، وإنا ندفع بعد غروبها؛ فلا تعجلوا بنا".
ورواه سلمة بن هرام عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة، فإذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال يدفعون، فأخر رسول الله- صلى الله عليه وسلم الدفعة من عرفة حتى