الوقوف، وإنما انصرف بعد أن حصل واقفًا جزءًا من الليل؛ لئلا تفوته سنة من شعائر الحج.
ولم يجعل الليل وقتًا للانصراف؛ لأنه لو كان كذلك لم يجز الوقوف فيه، ولكن ما زاد على زمان الوقوف الذي يحتاج إليه وقصده الوقوف بالنهار لا يوجب أن يكون ذلك هو وقت الوقوف؛ كما أن قصده لصلاة الجمعة قبل الزوال لا يوجب أن يكون هو وقت الصلاة بل لأمور تتقدمها؛ كذلك سبيل قصده الوقوف نهارًا.
قالوا: ولأن الليل وقت لنسك آخر؛ وهو المبيت بالمزدلفة؛ لأن بدخول الليل يدفع من عرفة إلى المزدلفة، وما بعد الزوال من يوم عرفة ليس بوقت لشيء من النسك غير الوقوف؛ فوجب أن يكون هذا الوقت أخص بالوقوف من الليل؛ لأنه فارغ والليل مشتغل فيه بنسك آخر.
فالجواب: أن قولهم أن ما بعد الزوال ليس بوقت لشيء من النسك غير الوقوف: إن عنوا به الوقوف الذي هو المقصود الذي يفوت الحج بفواته: فهذا موضع الخلاف، وإن أرادوا أنه وقت لفضيلة الوقوف: فالفضيلة لا توجب أن يتعلق الإجزاء بوقتها.
وعلى أنا لا نمنع أن يكون الليل مشتعلًا بنسكين يختص بها جميعًا.
واختصاص الليل بالوقوف آكد عندنا من اختصاصه بالمبيت؛ لأن الحج يفوت بفوات الوقوف، ولا يفوت بترك المبيت.
قالوا: ولأنه لبث في مكان مخصوص فجاز أن يفعل نهارًا، وليلة الوقوف بمزدلفة.