ودليلنا أنهما صلاتان يسن الجمع بينهما في وقت إحداهما فلم يمنع ترك الجمع بينهما جوازهما.
أصله: الظهر والعصر بعرفة، لا خلاف أن الجمع بينهما مسنون لا يمنع تركه الجواز؛ كذلك هنا فإن قالوا: فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "خذوا عني منساككم"، ورأينا جمع بينهما.
قلنا: عنه جوابان:
أحدهما: أن المناسك منها السنة والفريضة.
والآخر: أن الجمع من أحكام الصلاة ليست من المناسك؛ لأنه يجوز عندنا للعذر في سفر الحج وغيره فإن قيل: فمن منزلة بمزدلفة يجمع وليس بمسافر. قلنا: يفعل ذلك تبعًا؛ كما أن من ليس بمعتكف إذ جمع في المسجد معه المعتكفون تبعًا.
ثم لا يمتنع أن يكون الشيء مقصودًا لغيره ويكون واجبًا، أو يجب بترك الدم.
والفرق بين المبيتين أن ليلة عرفة ليس في صدر نهار غيرها نسك؛ لأن وقت الوقوف بعد الزوال، وليلة المزدلفة في صدر نهار غدها نسك؛ فصار المبيت بقرب ما يليه من المناسك منسكًا. فأما ما روى من خبر العباس أنه رخص له لأجل السقاية فإن ذلك عذر، وكذلك رعاة الإبل وقال أصحابنا: يحتمل أن يكون الإرخاص بشرط الدم.