كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

والأصل فيما ذكرناه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بات بالمزدلفة ولم يرخص في ترك ذلك إلا للضعفاء ورعاة الإبل؛ فوجب كونه مسنونًا. وإذا صح ذلك تعلق بتركه وجوب الدم.
ولا نسلم قولهم أنه ليس بنسك مقصود، بل هو مقصود عندنا متأكدًا على غيره. والمبيت بمنى ليلة عرفة مستحب وليس بمسنون؛ فلم يكن حكمه حكم المبيت بالمزدلفة. ثم لا يمتنع أن يكون الشيء مقصودًا لغيره ويكون واجبًا وجب بتركه الدم.
والفرق بين المبيتين أن ليلة عرفة ليس في صدر نهار عدها نسك؛ لأن وقت الوقوف بعد الزوال، وليلة المزدلفة في صدر نهار غندها نسك؛ فصار المبيت بقرب ما يليه من المناسك منسكًا. فأما ما روى من خبر العباس أنه صلى الله عليه وسلم رخص له لأجل السقاية؛ فإن ذلك عذر؛ وكذلك رعاة الإبل.
وقال أصحابنا: يحتمل أن يكون الإرخاص بشرط الدم.
والله أعلم.
فصل
فأما الوقوف بالمشعر الحرام فالأصل فيه قوله تعالى: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم}، وفي حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فرقى فاستقبل القبلة، فحمد الله وكبره وهلله، ولم يزل واقفًا

الصفحة 166