كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

قيل له: يلزم عندنا بالفوات بدنه؛ فسقط السؤال، لو لم نقل ذلك لجاز أن يفرق بينهما؛ لأن الفوات أخف حالاً من الإفساد؛ لأنه يمكن أن يقيم فيه على إحرامه ليحج الله في العام المقبل، ولا يمكن مثل ذلك في الإفساد؛ لأنه لا يقام على إحرام فاسد، ولأن الفوات في الغالب يقع غالبًا لا عن قصد؛ لأنه إما أن يكون لصد عدو أو مرض أو مانع أو خطأ وقت، والوطء الذي يتعلق به الإفساد لا يكون في الغالب إلا عن قصد؛ فجاز أن يغلظ فيه ما لا يغلظ في الفوات.
فإن قيل: لما لم تجب في اللبس والطيب بدنه لم تجب في الوطء. والمعنى في الجميع أنه فعل محظور في حال الإحرام لأجل الإحرام.
قيل له: ينتقض على أصولكم بالوطء بعد الوقوف؛ لأن فيه بدنه عندهم مع وجود العلة.
ولأن المعنى في الأصل أنه لا يوجب فساداً فلم يغلظ فيه بالكفارة، وليس كذلك الوطء؛ لأن الفساد يتعلق [ق/160] به، على أن هذا يلزم على أصلهم من قبيل أن جنس اللباس والطيب لما كان لا يفسد الحج لم يختلف الحكم فيه قبل الوقوف وبعده في أن ما يجب به على حد واحد في الموضعين فيجب أن الوطء الذي يتعلق به فساد الحج حكمه فيما يجب به قبل الوقوف وبعده. وقد بينا أن من قولهم أن من وطئ بعد الوقوف فعليه بدنه؛ فيجب أن يكون كذلك الوطء الذي يجب به الإفساد.
والله أعلم.

الصفحة 235