كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

في العبادات متعلقة بإفساد العبادة؛ اعتبارًا بالصوم وغيره؛ ألا ترى أنه إذا وطئ فيه وتعلقت به الكفارة ثم وطئ ناسيًا لم يفسد؛ لأن المعنى الموجب للكفارة تعلق الإفساد بالوطء.
فأما قولهم: إن وجوب الكفارة غير موقوف على حكم الفساد؛ اعتبارًا باللبس والتطيب: فغير صحيح؛ لأن اللبس والتطيب لا يتعلق بهما إفساد أصلًا، وليس كذلك الوطء؛ لأنه يتعلق به الإفساد؛ فجاز أن تكون الكفارة موقوفة عليه.
واعتبارهم بالوطء الأول ينتفض به إذا كان كفر من الأول.
ولا تأثير لقولهم وطئ عمد؛ لأن الوطء على شبهة النسيان يفسد الحج كالعمد. والمعنى في الأصل أنه يحصل به الفساد، وليس كذلك الثاني وقولهم إن الوطء إتلاف كالصيد: لا معنى له؛ لأن المعنى الموجب للكفارة بإتلاف الصيد يتكرر، وليس هو الفساد الذي لا يتكرر، والوطء الذي لا يوجب الفساد ليس فيه المعنى المقتضي لوجوب الكفارة؛ فلم تجب به.
والله أعلم.
قال القاضي: قد ذكرنا جملًا من مسائل الوطء وإفساد الحج وما يتعلق به من الأحكام، ورأينا الاقتصار على قدر ما ذكرناه دون استيفاء جميع ما في الباب؛ إيثارًا للاختصار، وتفريقًا بين هذا الكتاب وبين الكتب الكبار؛ لأن مصنفه قصد به التقريب على المتعلمين والتخفيف على المبتدئين؛ فيجب أن يكون الكلام عليه على هذا الوجه أيضًا. وبالله التوفيق.

الصفحة 242