كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

وأما حديث ابن عباس: فروى شعبة عن قتادة عن أبى حسان الأعرج عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم -صلى الظهر بذي الحليفة، وقلد بدنة، ثم أوتى براحلته فلما استوت به بالبيداء أهل بالحج.
وفي بعض طرق حديث جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى ولجعلتها عمرة"؛ فدل ذلك على أنه محرم بحج مفرد. فإن قيل: معناه: لجعلتها عمرة مفردة.
قيل له: يحصل من هذا فضيلة التمتع على القران والإفراد؛ فهو عائد عليك.
وإذا ثبت بما ذكرناه من الروايات المستفيضة في صفة فعله صلى الله عليه وسلم للحج أنه كان مفردًا علم أن ذلك هو الأفضل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الفرض إلا حجة واحدة، وما لم يفعله إلا مرة في العمر فإنه لا يأتي به إلا على أفضل صفاته وأكمل وجهته؛ لأنه لو لم يفعل ذلك لترك الأفضل أصلاً، وهذا غير جائز وإنما يفعل ذلك في المواضع التي تتكرر منه؛ فيختلف فعله فيها؛ فمرة على الكمال ومرة على الجواز.
وقد اعترضوا على هذه الروايات بما روى في مقابلتها بما ينفيها؛ قالوا: والروايات الظاهرات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان قارنًا؛ فروى أبو داود حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج حدثنا يونس عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب قال: كنت مع علي -رضوان الله عليه -حين أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم

الصفحة 261