كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

أحدهما: الترجيح.
والآخر: الاستعمال.
فإما الترجيح: فمن وجوه:
أحدها: أن أخبارهم قد تكلم فيها؛ فأما حديث علي -رضوان الله عليه -: فقيل: قد روى: "أما أنا فإني قد سقت الهدى وأفردت"، وهو رووه: "وأقرنت".
وأما حديث أنس: فقد أنكرت عليه عائشة، وابن عمر ذلك. وقالا: إنه كان صبيًا لم يضبط ما ينقله؛ لصغره.
وحديث ابن عباس: رواه الحسن بن سعد، وهو غير معروف. وقد روينا عنه من طريق صحيح. أنه أفرد الحج صلى الله عليه وسلم.
على أنها لو تساوت في صحة السند وكثرة العدد لكانت أخبارنا أولى؛ لأن عائشة -رضي الله عنها -نقلت أن النبي -صلى الله عليه وسلم -أفرد الحج، وأنكرت علي من قال إنه قرن، وادعت أنه لم يضبط ما قاله، ولها من الاختصا بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة خلواته، والوقوف على الظاهر والباطن من أموره ما يعلم معه أنه لا يكاد يخفى عليها حال إحرامه؛ فكان نقلها أولى من نقل غيرها.
وحديث جابر نقل القصة من أولها إلى آخرها؛ فكان أقرب إلى الضبط.
ولأن في أخبارنا قولاً وفعلاً؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إني مفرد بالحج".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى

الصفحة 264