كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

على أن ابن عمر روى أنه لم يقرن، ولم يجمع.
وهذا يسقط استعمالهم.
فإن قالوا: إذا تعارض النافي والمثبت فالمثبت أولى.
قلنا: كلانا مثبت وناف؛ لأن رواة أخبارهم أثبتوا القران ونفوا الإفراد، ورواة أخبارنا أثبتوا الإفراد ونفوا القران؛ لا مزية لأحدهما على الآخر في نفي ولا إثبات.
هذا الكلام في أحد الطرق؛ وهو صفة إحرامه صلى الله عليه وسلم.
فأما الطريقة الأخرى: فهي أن ندل على أن الإفراد أفضل. والذي يدل على ذلك ما رواه أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قتادة عن أبى شيخ الهنائي أن معاوية بن أبى سفيان -رحمه الله -قال لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم -: هل تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -نهى عن ركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم. قال: أتعلمون أنه نهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة؟ قالوا: أما هذه فلا. قال: إنها معهن، ولكن نسيتم.
فإن قيل: أبو شيخ عن معاوية مرسل؛ بدلالة ما روى يحيى بن أبى كثير قال: حدثنا أبو شيخ النهائي عن أبى جمان أن معاوية قال: ... وذكر الحديث. قلنا: عنه جوابان:
أحدهما: على هذه الصفة قد اتصل، فيجب قبوله.
والآخر: إنه قد روى في الحديث ما يمنع ما قالوه؛ فروى ابن خزيمة

الصفحة 266