كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

عن (أبي) موسى محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا بهس عن أبى شيخ قال: كنت عند معاوية وعنده ناس من المهاجرين ... الحديث.
ويدل على ذلك أيضًا أن الإفراد هو الأصل، والجمع رخصة وتخفيف؛ لأن الأصل إفراد كل عبارة على وجهها من غير خلطها غيرها. والإتيان بالعزيمة أولى من الرخصة.
ويبين ذلك أيضًا أن القارن والمتمتع يأتيان بالعمرة في أشهر الحج، وذلك رخصة وتخفيف؛ لأن العرب كانت تمنع من ذلك وتعتقده فجورا حتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم بفسخ الحج ونقلهم إلى العمرة.
وإذا صح أنه رخصة كان الأصل أفضل منها.
والذي يدل على ذلك أيضًا أن المفرد يأتي بأفعال النسكين على كما لهما وتمامهما، وليس كذلك القارن والمتمتع؛ لأنه يقتصر على فعل أحدهما في الجميع عندنا وفي البعض عند مخالفنا؛ لأن عندنا أنه يجتزئ لهما بإحرام واحد وطواف واحد وسعى واحد وحلاق واحد.
وعند أبى حنيفة في الحلاق والإحرام قضاء.
وإذا صح ذلك وجب أن يكون الإتيان بهما على الوجه الذي يقتضى كمالهما وتمامهما من غير تداخل أولى من أن يؤتى بهما على وجه التبعيض؛ لأن كثرة الثواب بكثرة الأفعال.
ويدل على ذلك أيضًا اتفاقنا على وجوب الدم في القران والتمتع وسقوطه في الإفراد، وذلك الدم إنما وجب جبرانًا للنقص الواقع في الحج؛ فوجب أن يكون الإتيان بالحج على وجه لا نقص فيه لا يحتاج إلى جبران

الصفحة 267