كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

أفضل وأولى.
والذي يدل على أن الدم الواجب في ذلك للنقص والجبران أنه دم تعلق بالإحرام أو يختص وجوبه بالإحرام؛ فوجب أن يكون لنقص وجبران؛ اعتبارًا بدم الجزاء أو نسك الأذى.
ويدل عليه أيضًا أنه دم يجب بترك الميقات؛ فوجب أن يكون لنقص؛ اعتبارًا بالدم على من جاوز الميقات فأحرم؛ وذلك أن المتمتع إنما سمى بذلك لتمتعه بإسقاط أحد السفرين مع تقديم العمرة على الحج في شهوره؛ لأنه كان عليه في الأصل أن يسافر سفرًا للعمرة وسفرًا للحج، ولما جمعهما في سفر واحد كان ذلك نقصًا؛ بدلالة أنه لو عاد إلى بلده لسقط عنه الدم، وكذلك لو عاد إلى مثله في البعد.
فإن قيل: إن فضيلة العمل كثرة ثوابه، وقد تقرر أن البدر والمسارعة أكثر ثوابًا من التأخر عنها والإبطاء عن فعلها، ومعلوم أن المفرد يأتي بأحد النسكين بعد الآخر والقارن يأتي بهما جميعًا؛ فوجب بذلك أن يكون القران أفضل.
فالجواب: أن البدار الذي يكثر معه الثواب هو الذي تكثر معه الأعمال لا الذي يسقط الأعمال، وقد علمنا أنه إذا أتى بالنسكين على انفرادها فقد أتى بالعمل بكماله، وإذا أتى بهما مفترقين فقد أسقط أكثر العمل؛ فعاد ذلك بالعكس من الصواب [ق/ 167]، وصح أن الإتيان بأحدهما بعد الآخر يقتضي كثرة العمل الذي هو العلم على كثرة الثواب.
فإن قيل: لما كانت أشهر الحج أفضل من غيرها وأشرف، وكان الإتيان

الصفحة 268