كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

بالعمرة فيها أفضل من الإتيان بها في غيرها، ووجدنا القارن يأتي بالعمرة في أشهر الحج؛ وجب أن يكون فعله أفضل من الإفراد.
فالجواب: أن الإتيان بالعمرة في أشهر الحج إنما هو رخصة وفي الحج عزيمة، وفعلها في غير أشهر الحج عزيمة، والأخذ بالعزيمة أولى.
وعلى أن شرف الوقت لا يقوم بإزاء سقوط أكثر العمل فكان الإتيان بها على وجه لا يسقط عملها أولى.
فإن قيل: إن القارن يفعل النسكين والمنفرد يأتي بأحدهما؛ فكان فاعل الأمرين أفضل.
قلنا: إن أردتم أنه يفعل النسكين بالنية فصحيح، ولكنه يؤدى إلى نقصان الأفعال؛ على ما ذكرناه، وقد بينا أن الإتيان بالعبادة على وجه يستوفى به عملها أفضل.
فإن قيل: إن الدم الواجب في القران دم نسك، وليست من أجل نقص ولا جبران؛ بدلالة أن أكله جائز؛ لقوله تعالى: {فكلوا منها وأطعموا}، وما أبيح أكله لم يكن جبرانًا؛ لأن الجبران لا يجوز أكله كفدية الأذى وجزاء الصيد.
فالجواب: أنا قد دللنا على كونه نقصًا وجبرانًا فيما سلف بما يغنى عن إعادته، وليس في جواز أكله ما ينفي كونه خسرانًا؛ كالدم الواجب على من أحرم به بعد تجاوز الميقات هو جبران ويجوز الأكل منه.
فأما ما نذر للمساكين فإنما لم يجز الأكل منه؛ لأنه مسمى للمساكين

الصفحة 269