كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 2)

فصل
فأما صفة التمتع الذي يجب به الدم فقد ذكره صاحب الكتاب، وجملته: أن يحرم بعمرة، ثم يحل منها في أشهر الحج، ثم يحج من عامه قبل أن يرجع إلى أفقه أو إلى مثل أفقه في البعد؛ فيجب عليه [ق/ 169] الدم للمتعة.
فمتى انخرم بعض هذه الأوصاف بشيء لم يكن متمتعًا تمتعًا يلزم به الدم. وفي هذه الأوصاف ما يتفق على اعتباره وفيها ما يختلف فيه، ونحن نبين ذلك.
فمما لا يختلف فيه أن تقدم العمرة على الحج في شهور الحج؛ لأنه إن حج ثم اعتمر في تلك السفر عقيب فراغه من الحج فليس بمتمتع.
والأصل في ذلك قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى}.
والمتمتع هاهنا هو المترفه بإسقاط أحد السفرين؛ لأنه كان عليه في الأصل أن ينشئ سفرًا من دويرة أهله للعمرة، وسفرًا للحج، فإذا جمعهما في سفر واحد فقد تمتع بإسقاط أحد السفرين.
وإذا ثبت ذلك، وكأن الله تعالى إنما علق وجوب الدم بأن يتمتع بالعمرة إلى الحج؛ اقتضى ذلك أن يكون مقدمًا للعمرة على الحج في أشهره التي هي أخص به، فمن قدمه عليها لم يكن متمتعًا.
ولأن الإحرام بالعمرة لمن قد حج لا يكون بعد الفراغ من عمل الحج،

الصفحة 277